حديث الجمعة الديني : “التعليم” إنه الهدف والمستهدف
15 سبتمبر، 2016توجه، بعون الله ورعايته وحفظه، مئات الآلاف من الطلاب والطالبات من ابنائنا وبناتنا، فلذات اكبادنا، الى مقاعد الدراسة للبدء بالعام الدراسي الجديد (2015/ 2016م) وهم يحملون حقائبهم المدرسية التي يختبىء فيها الغد المنتظر!! وذلك لينهلوا من العلم والمعرفة. ولا خلاف ان التعليم أمر ضروري ومهم، ومطلب انساني ومظهر حضاري ولا غرابة اذا قلنا: إن العلم كالماء والهواء بالنسبة للانسان لا غنى عنه.
القرآن الكريم والحث على التعليم
إن عنايتنا بالتعليم ليس بالامر المستغرب ولا هو بالمستهجن فنحن بحمد الله امة راقية، امة واعية، امة حضارية، امة عريقة بفضل ديننا الاسلامي العظيم، منذ خمسة عشر قرناً. حيث تأسست امتنا على التعليم، وذلك استلهاماً من القرآن الكريم الذي طلب منا القراءة والكتابة والبحث العلمي اي قبل ان يطلب منا الايمان بالتوحيد او الالتزام بالاحكام الشرعية التكليفية العملية، فيقول عزوجل في القرآن الكريم ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ .اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” سورة العلق الايات 1- 5. فهذه الايات الكريمة هي اول الايات نزولاً في القرآن الكريم، فالعلم هو الذي يقود الانسان الى الايمان بالخالق عزوجل، ونستعين بالعلم على فهم ظواهر الكون والانسان والحياة، وعلى كشف الحق والحقيقة، ويقودنا الى اليقين والثبات والى المعرفة والعرفان، كما يقودنا إلى دراسة الاحكام الشرعية التكليفية العملية.
الدول النامية والتعليم
نعم إن “التعليم” هو هدف سام لدى رجالات التربية والتعليم، ولكن لدى دول العالم الثالث (النامية) أو (النائمة) فإنه مستهدف بإضعافه أو محاربته!!
والسؤال: كيف يكون ذلك؟
والجواب: حينما تريد أي دولة من دول العالم الثالث تقليص ميزانيتها المالية السنوية لأي سبب من الأسباب، فإنها تعتمد إلى ميزانية التعليم حتى تمسخها وتبدأ بالاستغناء عن المعلمين وإغلاق الشعب المدرسية…!! بالإضافة إلى الاعتقالات التي تشمل عدداً من المعلمين بسبب أفكارهم وميولهم الدينية أو السياسية، حتى أن هيبة المعلم قد ضعفت في هذه الأيام، ولم نشعر بالاحترام المطلوب للمعلم كما كان سابقاً. نقول ذلك بألم ومرارة، لأننا عايشنا ومارسنا هذه المهنة الشريفة، ولمسنا الفرق الشاسع سابقاً ولاحقاً.
وكالة الغوث والتعليم
وتأتي وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في هذه الأيام لتسير على خطا الدول النامية (النائمة) فتريد مرة تأجيل العام الدراسي الحالي (2015/2016م) وتارة تريد تقليص خدماتها بشكل عام، وفي مجال التعليم بشكل خاص، وتدعي وكالة الغوث أن سبب التأجيل يعود إلى الأزمة المالية التي تمر بها!! وإذا افترضنا أن السبب في التأجيل هو الأزمة المالية فهذا غير مبرر لتأجيل العام الدراسي، فالاصل أن يبدأ العام الدراسي كما هو مقرر، وأن الأزمة المالية تعالج خلال العام الدراسي. ولكن الذي يبدو أن هناك هدفاً سياسياً خفياً غير معلن هو التمهيد لتصفية قضية اللاجئين مرحلة مرحلةـ وخطوة خطوة، وهذا أمر لن يمر، وان الاحتجاجات الشعبية العارمة في فلسطين وخارجها ستحبط هذا الهدف التآمري والعدواني.
ونحن نطالب الدول الداعمة لوكالة الغوث أن تبادر إلى تسديد ما عليها من دفعات مالية حتى لا تتذرع إدارة الوكالة بتأجيل العام الدراسي أو بتخفيف خدماتها اليومية.
دعوة للدوام المدرسي
وعليه أدعو المعلمين والمعلمات التوجه إلى مدارسهم للدوام كالمعتاد، كما أدعو الطلاب والطالبات التوجه إلى مقاعدهم المدرسية في الموعد المحدد للعام الدراسي بغض النظر عن توجهات وقرارات الإدارة العامة للوكالة.
فأنتم أيها المعلمون.. أيتها المعلمات الذين تمثلون الرقم الصعب، فلا مجال لأحد أن يتجاوزكم، فأنتم تحملون مهنة التعليم التي هي أسمى وأشرف مهنة إنسانية عالمية
الخاتمة
هذا الدين الاسلامي العظيم قد بعث الامم والشعوب من مواتها، وذلك عن طريق العلم، وحثّ عليه من خلال عشرات الايات الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة، وتمكن العلم ان يرقى بالامة، فلا غرابة ان يتفوق الشعب الفلسطيني في نسبة المتعلمين لديه حيث اشارت الاحصاءات الدولية مؤخرا ان نسبة المتعلمين في فلسطين تفوق النسبة لدى شعوب منطقة الشرق الاوسط آخذين بعين الاعتبار عدد السكان. واخيرا اقول لاخواني وزملائي المعلمين والمعلمات: انتم قبس من نور، قبس من رسالة الانبياء والمرسلين، فطوبى وهنيئا لكم، فأنتم تؤدون أسمى وأشرف مهنة إنسانية في العالم، ألا وهي مهنة التعليم، واحرصوا على تطبيق المناهج المرتبطة بقيمنا وثقافتنا وحضارتنا وتراثنا وتاريخنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.