حديث الجمعة الديني : الاسلام ويوم التطوع العالمي
23 سبتمبر، 2016يصادف الخامس من شهر كانون الأول ” ديسمبر ” يوم التطوع العالمي، حيث تقيم المنظمات والمراكز الاجتماعية والرياضية – في العالم سنوياً – عدداً من الفعاليات والبرامج التثقيفية والإرشادية، لتعميق وتطوير أداء المتطوع في خدمة المجتمع، وتعزيز مبدأ التطوع في ميادين الحياة كافة.
تعريفات
التطوع: بذل الجهد أو المال أو الوقت أو الخبرة بدافع ذاتي، دون الحصول على أرباح مادية، بهدف مساعدة الآخرين والإسهام في تحقيق النفع العام.
ثقافة التطوع: هي منظومة القيم والمبادىء والأخلاقيات والمعايير والممارسات التي تحض على المبادرة بعمل الخير الذي يتعدى نفعه إلى الغير، إما بدرء مفسدة، أو بجلب منفعة، تطوعاً من غير إلزام ودون إكراه.
دعائم التطوع في الدين الإسلامي
لقد حث الدين الإسلامي على فعل الصالحات والأعمال الخيرية، لجليل قدرها وعظيم أثرها وأجرها، ومن أبرز الآيات القرآنية الكريمة التي تحض على التطوع:
1. قال الله -تعالى-: ” وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ” سورة البقرة- الآية158.
2. قال الله -عزّوجل-: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” سورة الحج- الآية77.أما السنة النبوية الشريفة فنصوصها حافلة بالمعاني الحاضة على التطوع، المتضمنة صوراً عديدة من الإحسان وفعل الخير، نذكر منها:
1. عن الصحابي الجليل عبدالله ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” شأن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ” أخرجه الطبراني
2. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: ” صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ” أخرجه الحاكم في مستدركه.
3. قال الرسول الأكرم محمد -صلى الله عليه وسلم- : ” من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، تقضي عنه دينا وتقضي له حاجة وتنفس عنه كربة ” رواه البيهقي في شعب الإيمان.
4. عن الصحابي الجليل أبي هريرة – رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر أو كالصائم الذي لا يفطر النهار ” متفق عليه.
5. قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ” متفق عليه.
وفي العهد النبوي وخلال الفتوحات الإسلامية كانت النساء يتطوعن في مجال التمريض والإسعاف الميداني بكل جدارة وثقة بالنفس، ومن المتطوعات الصحابيات: أميمة بنت قيس الغفارية، وخولة بنت الأزور، وزينب بنت جحش، ونسيبة بنت كعب المازنية، وغيرهن من اللواتي ورد ذكرهن في كتب التاريخ الإسلامي المشرف -رضي الله عنهن-.
أهمية التطوع في بناء المجتمع
لا شك بأن للتطوع أهمية كبيرة في بناء المجتمع وتطوره، ويوجد لذلك عدة إيجابيات أذكر منها:
1- تنمية الشعور بالواجب الديني والإنساني لدى المواطنين لبناء مرافق المجتمع.
2- الاستفادة من قدرات وخبرات المتطوعين في الميادين كافة.
3- المحافظة على تماسك المجتمع وترابطه.
4- دعم العمل الحكومي وتوفير الكثير من أعباء المصروفات والنفقات في ميزانية الدولة.
5- تحقيق التعاون بين الدولة والمواطنين لرعاية الفئات المحتاجة وتقليص حجم المشكلات الاجتماعية.
أصناف التطوع
1. التطوع في أداء العبادات: شرع الدين الإسلامي العظيم أداء الكثير من النوافل الى جانب الفرائض على المسلمين، وذلك بهدف التواصل مع الله-عزّوجل- ونيل الأجر والثواب الجزيل، ومن هذه العبادات: صلاة الضحى، وصلاة التسابيح، وصلاة التراويح في شهر رمضان، وصيام ستة من شهر شوال، وصيام يوم عرفة لغير الحجيج، وصيام تاسوعاء وعاشوراء، وصيام الأيام البيض (الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري) وغيرها.
2. التطوع بالمال.
3. التطوع بالجهد والخبرة.
4. التطوع بالوقت.
5. التطوع بالمال والجهد والخبرة والوقت معاً.
مجالات تحفيز المتطوعين
إن ثمة مجالات عديدة لتحفيز المتطوعين في أداء تطوعهم لفعل الخير، ومن أبرزها:
1- المشاركة: وتعني أن يكون المتطوع في صلب العمل الذي تعمل به المؤسسة، وليس على هامشها.
2- الإبراز: يجب الاعتراف دائماً بإنجازات المتطوع وعطاءاته.
3- الادماج: يجب أن تتاح للمتطوع فرصة الاندماج في المؤسسة أو الجماعة التي يتطوع من خلالها، وعدم استغلاله لتحقيق مصالح أو منافع خاصة.
4- التشاور: يجب إتاحة الفرصة لحوارات وأخذ آراء المتطوعين بعين الاعتبار.
5- إزالة العقبات: قد يأتي المتطوع متحمساً ثم يصطدم بالروتين وبتعقيدات بيروقراطية إدارية أو فنية، مما يؤدي إلى تثبيط حماسه، ولذلك يجب العمل دائماً على إزالة مختلف العقبات من أمامه، لتشجيعه على مواصلة تطوعه.
6- الشكر والتقدير: لابد من توجيه كتاب شكر إلى المتطوع في حال أدى الفترة التي تطوع خلالها، ويتضمن شكره وعرفانه وتشجيعه بلقائه مجدداً في رحاب أخرى من ميادين العمل.
مقترحات لدعم مجموعات العمل التطوعي
إن مقياس ومؤشر الحكم على مدى تقدم الشعوب ورقيها، يكون بنهضة ورعاية العمل التطوعي في ميادين حياتهم كافة، ومن أجل إصلاح وتطوير الوضع التطوعي في المجتمع الفلسطيني – تجب المطالبة بتعاون المنظمات والهيئات الرسمية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني وأصحاب القطاع الخاص مع فرق وطواقم العمل التطوعي كافة في مدينة القدس والأراضي الفلسطينية، حتى يتمكنوا من أداء عطائهم والقيام بواجبهم الإنساني، ولتحقيق ذلك أتقدم بالمقترحات الآتية:
1. حث وترغيب المواطنين على التطوع، وبيان أهميته في حياتنا اليومية عن طريق العلماء ورجال الدين ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ومواقع الإنترنت الألكترونية، وتشجيع المتطوعين بتخصيص حوافز للعمل التطوعي.
2. حفظ مكانة المتطوع – سواء كان فرداً أو جماعة – ومساعدته على التكيف في أداء عمله التطوعي بطريقة مرموقة وآمنة.
3. إعداد الخطط اللازمة لتدريب المتطوعين في جميع المؤسسات والإشراف على تنفيذها.
4. تطبيق نظام التطوع للمعنيين بالتوظيف في القطاع العام لمدة شهرين على الأقل، قبل تعيينهم على الكادر الحكومي، لتحقيق المصلحة العامة، ومنحهم فرصة التدريب والتأهيل والتعرف على نظام عمل الدوائر والأجهزة الرسمية.
شكر وعرفان للمتطوعين
أشيد بالجهود الكريمة والمتواصلة التي تبذلها فرق وطواقم المتطوعين الفلسطينيين التابعة للجمعيات والأندية والجامعات والبلديات والمجالس المحلية وغيرها في المجالات كافة، مثل: التمريض والإسعاف والزراعة والحرف المهنية، بهدف تعمير بلادنا المباركة والنهوض بمرافقها، وأسأل الله -عزّوجل-أن يوفق سائر المتطوعين والمتطوعات في اعمالهم التطوعية النبيلة، ويزيد من حسناتهم في الدار الآخرة، وأن يحتسبوا الأجر والثواب الجزيل من الله المعطي.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وارزقنا اليقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.