عِكرمة صبري

ان موضوع «التربية » مترامي الاط راف، عريض المعرفة، غزيرالمعلومات، حيث لا يستطيع اي شخص بمفرده ان يتقصى جوانب هذا الموضوع بشكل شمولي .. لذا فاني اتناول بعض النقاط البارزة والمتعلقة بهذا الموضوع ما امكنني ذلك، وبايجاز: اول الايات نزولا من المعلوم بداهة ان اول الايات الكريمة نزولا في القرآن الكريم هي الايات الخمس المتعلقة بموضوع التربية والتعليم

فيقول سبحانه وتعالى «اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم ». سورة العلق والايات 5-1 فهذه الايات الكريمات ترشد الى ما يأتي: -وجوب القراءة، وهي بداية المعرفة للانسان. -وجوب تعليم الكتابة وهي وسيلة لنشر المعرفة -وجوب البحث والتقصي بهدف التوسع في المعرفة. كل ذلك قبل ن زول الاي ات المتعلقة بالايمان والعقيدة والتوحيد وقبل نزول الايات المتعلقة بالتشريعات وبالاحكام العملية. حث القرآن على اعمال العقل لقد حث القرآن الكريم على اعمال العقل والتفكير في مناحي الحياة كلها، وذلك من خلال عشرات الايات الكريمة: فالله سبحانه وتعالى يقول «افلا تعقلون « » افلا تتفكرون ،» «افلا تتدبرون « ، » يا اولي الالباب »، وهكذا سائر الايات الكريمة التي تخاطب العقل وتدعو الى التفكير والتدبير والتمحيص. توجيهات تربوية لقد تناول القرآن الكريم توجيهات تربوية في النبل والكرم والرأفة والرحمة وحب الخير للاخرين وصقل القلوب والنفوس والعقول، واشير الى ثلاث آيات كريمة في هذا المجال: -1 قال الله سبحانه وتعالى: «محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا منالله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من اثر السجود » سورة الفتح الاية 29 . -2 قال عز وجل: «كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون . وفي اموالهم حق للسائل والمحروم » سورة الذاريات الايات 17 – 19 . -3 قال رب العالمين: «الذين تبؤوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون » سورة الحشر الاية 9. رعاية الاسلام للانسان لقد رعى الاسلام الانسان منذ خمسة عشر قرنا بالتربية منذ ولادته بل وما قبل الولادة، ويتضح ذلك بما يأتي: -1 اختيار الزوجة الصالحة بأن تكون ذات خلق ودين لقول رسولنا الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم «تنكح المرأة لاربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ». متفق عليه عن الصحابي الجليل ابي هريرة رضي الله عنه.فالزوجة الصالحة ذات الدين قادرة على الاهتمام بتربية اولادها التربية السليمة. ومعنى )تربت يداك( التصقت يداك بالتراب وهو كناية عن الفقر، والم راد هنا: الحث على ال زواج والترغيب فيه من صاحبة الدين. ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث نبوي شريف آخر «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا من زوجة صالحة: ان امرها اطاعته، وان نظر اليها سرته، وان اقسم عليها ابرته، وان غاب عنها حفظته في نفسها وماله » اخرجه ابن ماجه والنسائي عن الصحابي الجليل ابي امامة الباهلي رضي الله عنه. كما لا بد ان يكون ال زوج صاحب خلق ودين حتى تتكامل الاس رة ويتحقق الانسجام الكامل فيقول عليه الصلاة والسلام : «اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، الاّ تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ». اخرجه احمد والترمذي والدارمي وابن ماجه والنسائي وابي يعلي والبيهقي عن الصحابيين الجليلين ابي هريرة وابي حاتم المزني رضي الله عنهما، وفي رواية «اذا خطب اليكم …. .» ٢ – تحريم الاجهاض: يحرم اسقاط الجنين منذ اليوم الاول من تكوينه، ويستثنى من ذلك حالتان طارئتان يجوز فيهما الاسقاط، وهما: اذا كان الحمل يؤدي الى ضرر محقق بالام حينئذ يستغنى بالفرع )وهو الجنين( حماية للاصل )وهي الام(، والحالة الثانية: اذا كان التشوه للجنين تشوهاً كبيراً يتعلق بالقلب او بالدماغ ولا امل باستمرارية حياته بعد الولادة، حينئذ لا مانع من اسقاطه، كل ذلك بالاستناد الى تقارير طبية صادرة عن لجنة اطباء متخصصين وثقات. ٣- الحث على الاغتراب في الزواج لتحسين النسل: هناك احاديث نبوية شريفة وآثار وأقوال من الصحابة تحث على الاغتراب في الزواج ما امكن ذلك بهدف ان يكون المواليد اقوياء صحياً واذكياء عقلياً.. لأن الزواج من القريبات يؤدي الى توريث بعض الصفات غير الحسنة ويؤدي الى ضعف في النسل جسماً وعقلاً. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود، فأني مكاثر بكم الامم .« رواه ابو داود والنسائي عن الصحابي الجليل معقل بن يسار رضي الله عنه. «اغتربوا لا تضووا » كتاب النهاية لأبن الاثير ج ٣ ص ١٠٦، ولسان العرب لابن منظور مادة )ضوا( اي تزوجوا الغرائب دون القرائب فإن ولدالغريبة انجب وأقوى من ولد القريبة. وقد اض وت الم رأة اذا ول دت ول داًضعيفاً، معنى )لا تضووا( لا تأتوا ب أولاد ضاوين اي ضعفاء سخفاء. ح – «لا تزوجوا النساء على قرابتهم فإنه من ذلك القطيعة » رواه الدارمي عن الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه «لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً » قال ابن الصلاح لم أجد له اصلاً معتمداً، انما يعرف من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ٤ – استحباب البشارة بالمولود. يستحب للأهل ان يبشروا بالمولود ذكراً كان او أنثى، وان يشعروا الاقارب والمعارف والجيران بذلك، وبالمقابل يستحب تقديم التهاني والتبريكات لذوي المولود بقدومه مما يشيع المحبة والالفة والتعارف بين الناس في المجتمع. اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وارزقنا اليقين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.