الزكاة لطلاب العلم جائزة شرعاً
1 أغسطس، 2019الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وقدوتنا وحبيبنا وقائدنا محمد النبي الأميّ الأمين وعلى آله الطاهرين المبجلين وصحابته الغر الميامين المحجلين ومن تبعهم وخطا دربهم وإستنّ سنتهم وإقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين ، أما بعد …
فيقول الله سبحانه وتعالى : ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وإبن السبيل ، فريضة من الله ، والله عليم حكيم “سورة التوبة (البراءة) الآية 60.
- إن ديننا الإسلامي العظيم يحث على العلم ويحض عليه فإن أول الآيات نزولاً في القرآن الكريم آيات
التعليم وهي : ” إقرأ بإسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم
بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ” سورة العلق الآيات من 1 إلى 5 ، فهذه الآيات الكريمة نزلت قبل
الآيات التي تتضمن التوحيد والإيمان أو الآيات التي تتضمن التكاليف الشرعية العملية وذلك لبيان
أهمية التعليم من حيث القراءة والكتابة والبحث العلمي كأمور أساسية في التعليم ، فالعلم في الإسلام
دعوة إلاهية وفريضة شرعية يقرب به العبد إلى ربه لأنه الطريق إلى تنمية العقول والإرتقاء بالأمم .
- من المعلوم أن الزكاة لا تجوز للغني كما لا تجوز للشخص القوي القادر على الكسب والعمل والذي
هو سليم الأعضاء لقول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم : ” لا تحل الصدقة لغني ولا لذي
مرةٍ سوي ” أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنهما وفي لفظ ( لذي مرة قوي ) ، وأوضح عبدالله بن عمرو بن العاص هذا الحديث
النبوي الشريف بقوله : الصدقة لا تحل لقوي ولا لذي مرة سوي ، رواه أبو داود رقم 1634
ومشكاة المصابيح1830وأخرج الحديث أيضاً أحمد والنسائي وإبن ماجه عن الصحابي الجليل أبي
هريرة رضي الله عنه ـ مشكاة المصابيح 1831 .
وفي حديث نبوي شريف آخر : روى الصحابي الجليل عبيد الله بن عدي بن الخيار قائلاً : أخبرني
رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألا منها فرفع فينا
البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال : ” إن شئتما أعطيتكما ، ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ”
أخرجه أبو داود رقم 1633 كما أخرجه النسائي ـ مشكاة المصابيح رقم 1832 ومعنى كلمة
( جلدين ) أي قويين .
بناء على ذلك فإن الزكاة تجوز للفقير والمسكين ، كما أنها تجوز للشخص غير القادر على العمل
لضعف في جسمه أو أنه معاق حركياً أو عقلياً .
- إذا كان الشخص قوياً وسليم الأعضاء ولا توجد له فرص عمل بسبب إنتشار البطالة أو لأي سبب
قاهر آخر حينئذ فإن الفقهاء أجازوا إعطاء الزكاة له لأنه يأخذ حكم الفقير أو المسكين أو يأخذ حكم
العاجز عن العمل ، وهذا ما أشار إليه الإمام النووي في كتابه ” المجموع في الفقه الشافعي ” الجزء
السادس / الصفحة 191 ما نصه : إذا لم يجد الكسوب من يستعمله حلت له الزكاة لأنه عاجز .
- على ضوء ما تقدم فإنه يجوز شرعاً إعطاء الزكاة إلى الذي يتفرغ لطلب العلم بمختلف التخصصات
العلمية المشروعة وفي نفس الوقت لا يعمل حيث إن طالب العلم يأخذ حكم الفقير أو المسكين ،
كما يأخذ حكم العاجز عن العمل بغض النظر عن غنى والده أو فقره .
وبهذا أفتي وبالله التوفيق .