حديث الجمعة الديني : الأضاحي في الأضحى
23 سبتمبر، 2016معنى الأضحية (لغةً): اسم ما يضحى به.
أما معنى الأضحية (اصطلاحاً وشرعاً) ما يذبح من الأنعام تقرباً إلى الله عزّوجل أيام النحر.
مشروعية الأضحية
أ. من الكتاب (القرآن الكريم):
قال سبحانه وتعالى: ” فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” سورة الكوثر –الآية 2 . والصلاة هنا صلاة عيد الأضحى، والنحر هنا ذبح الأضاحي.
وقال عزّوجل: ” وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ …” سورة الحج- الآية 36. والمراد بالبدن: هي الأنعام.
ب. من السنة النبوية المطهرة:
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- “ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله تعالى من اراقة الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عزّوجل بمكان قبل أن يقع إلى الأرض فطيبوا بها نفساً” – رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أم المؤمنين الصحابية الجليلة الصديقة عائشة –رضي الله عنها-.
وروى الصحابي الجليل أنس بن مالك –رضي الله عنه أنه قال: “ضحّى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين. ورأيته يذبحمها بيده، ورأيته واضعاً قدمه على صفاحهما. قال: سمّى وكبّر”. رواه مسلم في صحيحه.
حكم الأضاحي
1- يرى مالك والشافعي إلى أن الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة، مع أن الإمام مالك يقول: لا أحب لاحد ممن قوي على ثمنها أن يتركها.
2- يرى أبو حنيفة والأوزاعي وربيعة والليث وبعض المالكية بأن الأضحية واجبة على الموسر المقتدر مالياً في كل عام ولا يجوز له تركها للحديث النبوي الشريف: “من وجد سعة لأن يضحي فلم يضحِّ فلا يقربنَّ مصلانا” وفي لفظ آخر: “من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربنَّ مصلانا”” رواه ابن ماجه والحاكم ، والجامع الصحيح رقم 2532، والمعنى واحد.
ووجه الاستدلال: لما نهى الرسول –صلى الله عليه وسلم- المسلم عن الاقتراب من المصلى؛ فكأنه لا فائدة من التقرب إلى الله عزّوجل مع ترك الأضحية، فهذه إشارة إلى أن الأضحية واجبة، وبهذا أفتى وأرجح، والمعلوم أن الوجوب هو أعلى مرتبة من السنة المؤكدة، وأدنى مرتبة من الفرض.
يضحي الزوج عن أهل بيته
أي أن الأضحية الواحدة تجزئ عن العائلة لقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “يا أيها الناس عن كل أهل بيت في كل عام أضحية”-رواه أحمد وابن ماجه من خطبة الوداع بعرفة.
وقت الأضحية
يبدأ وقت الأضحية بعد اداء صلاة عيد الأضحى لقوله سبحانه وتعالى: ” فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” سورة الكوثر –الآية 2 . وينتهي وقتها في اليوم الثالث من أيام التشريق لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “كل أيام التشريق ذبح”-رواه أحمد. وعليه فإن من ذبح قبل صلاة العيد فلا تعد أضحية لقول رسولنا الأكرم –صلى الله عليه وسلم-: “من ذبحَ قبل أن يصلي فليُعدّ مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح”- متفق عليه عن الصحابي الجليل جندب بن عبد الله البجلي –رضي الله عنه-، وفي حديث نبوي شريف آخر: “من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء، وانما هو لحم قدمه لأهله”- متفق عليه عن الصحابي الجليل البراء بن عازب، فأيام الأضاحي أربعة (يوم عيد الأضحى وثلاثة أيام التشريق).
شروط المكلف بالأضحية
تجب الأضحية بحق المسلم الحر البالغ العاقل المقيم المستطيع مالياً لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية”-رواه أحمد وابن ماجه مع توافر النية لأن الذبح مقترن بالتقرب إلى الله عزّوجل لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-“انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى”-أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-. وعليه لا تجب الأضحية على المسافر ولا على الصغير غير المكلف لذا لا تجب الأضحية على الحاج (في السنة التي يحج فيها) حيث يكون مسافراً، وانما تتعلق به أحكام الهدى والفدية من الذبائح المتعلقة بمناسك الحج.
نوع الأضحية وسنُّها
يضحى بالأنعام لقوله سبحانه وتعالى: “.. لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ..” سورة الحج الآية 34. وأشار الفقهاء إلى أن الأنعام التي يضحى بها هي (الإبل والأبقار والغنم. وتشمل أيضاً الضأن والماعز).
أما سِنُّ الأضحية فعن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-“لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن”- رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وفي حديث نبوي شريف آخر:” ونعمت الأضحية الجذع من الضأن”- رواه أحمد والترمذي عن الصحابي الجليل أبي هريرة –رضي الله عنه-. وفي حديث نبوي شريف ثالث: قال الصحابي الجليل عقبة بن نافع –رضي الله عنه- “قلتُ: يا رسول الله، أصابني جذع. قال ضحِّ به”- رواه مسلم والنسائي والدارمي وفي حديث نبوي شريف رابع، قال –صلى الله عليه وسلم-: “يجزئ الجذع من الضأن أضحية”رواه أحمد وابن ماجه والجذع هو ما كان عمره أقل من سنة وأكثر من ستة أشهر، ويكون وافر اللحم إذا وضع مع أقرانه يكون مساوياً لها في الحجم والوزن، أما ما له علاقة بالإبل والأبقار، فهو مفصل في كتب الفقه بحيث يضحّى الإبل عن عشرة أشخاص، ويضحّى البقر عن سبعة أشخاص.
من سنن المضحّي
من أراد أن يضحّي يسنّ له ما يأتي:
1- أن لا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئاً وذلك حينما تدخل الأيام العشرة من شهر ذي الحجة لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئاً”-رواه مسلم عن أم المؤمنين الصحابية الجليلة أم سلمة –رضي الله عنها-.
2- أن يقوم بذبح الأضحية بنفسه إن أمكن ذلك ، ولا بأس بتوكيل غيره.
3- يستحب أن يأكل المضحي وأهله من أضحيتهم وأن يتصدقوا وأن يهدوا (أثلاثاً).
4- لا يعطى الجزار (اللحام) شيئاً من لحمها على أنه أجرة عمله لما روى الصحابي الجليل الإمام علي بن أبي طالب –رضي الله عنه وكرم الله وجهه: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أمره أن يقوم على بُدنه وأن يتصدق بلحومها وجلودها وجلالها، وأن لا يعطي الجزار منها شيئاً- متفق عليه-وعليه فلا بأس أن يأخذ الجزار مالاً كأجرة عمله، هذا ولا مجال لبيع شيء من الأضحية.
وأخيراً : الأضحية من شعائر الله وهي تقرب إلى الله عزّوجل وعبادة من العبادات، فعلى المسلمين أن يحرصوا على تقديم الأضاحي وأن يدخلوا السرور والسعة على الفقراء والمحتاجين والمنكوبين.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التآويل وارزقنا اليقين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.