الشيخ الدكتور عكرمة صبري : الزكاة لطلاب العلم جائزة شرعاً
30 أغسطس، 2016الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وقدوتنا وحبيبنا وقائدنا محمد النبي الامي الامين وعلى آله الطاهرين المبجلين وصحابته الغر الميامين المحجلين ومن تبعهم وخطا دربهم واستنّ سنتهم واقتفى اثرهم ونهج نهجهم الى يوم الدين، اما بعد…
فيقول الله سبحانه وتعالى: «انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، فريضة من الله، والله عليم حكيم «سورة التوبة «البراءة » الاية ٦٠ .
١-ان ديننا الاسلامي العظيم يحث على العلم ويحض عليه فإن اول الآيات نزولاً في القرن الكريم آيات التعليم وهي: «اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الاكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الانسان ما لم يعلم » سورة العلق الايات من ١ الى ٥، فهذه الآيات الكريمة نزلت قبل الآيات التي تتضمن التوحيد والايمان او الآيات التي تتضمن التكاليف الشرعية العملية وذلك لبيان اهمية التعليم من حيث القراءة والكتابة والبحث العلمي كأمور اساسية في التعليم، فالعلم في الاسلام دعوة إلهية وفريضة شرعية يقرب به العبد الى ربه لانه الطريق الى تنمية العقول والارتقاء بالامم.
٢-من المعلوم ان الزكاة لا تجوز للغني كما لا تجوز للشخص القوي القادر على الكسب والعمل والذي هو سليم الاعضاء لقول رسولنا الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي » اخرجه ابو داود والترمذي والدارمي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو
بن العاص رضي الله عنهما وفي لفظ لذي مرة قوي »، واوضح عبد الله بن عمرو بن العاص هذا الحديث النبوي الشريف بقوله: الصدقة لا تحل لقوي ولا لذي مرة سوي، رواه ابو داود رقم ١٦٤٣ ومشكاة المصابيح ١٨٣ ٠ واخرج الحديثايضاً احمد والنسائي وابن ماجة عن الصحابي الجليل ابي هريرة رضي الله عنه-مشكاة المصابيح ١٨٣١. وفي حديث نبوي شريف آخر: روى الصحابي الجليل عبيد الله بن عدي بن الخيار قائلا: اخبرني رجلان انهما اتياالنبي صلى الله عليه وسلم في حجةالوداع وهو يقسم الصدقة فسألا منهافرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدينفقال: «ان شئتما اعطيتكما، ولاحظفيها لغني ولا لقوي مكتسب » اخرجه ابو داود رقم ١٦٣٣ كما اخرجه النسائي- مشكاة المصابيح رقم ١٨٣٢ ومعنى كلمة جلدين» اي قويين. بناء على ذلك فإن الزكاة تجوز للفقير والمسكين، كما انها تجوز للشخص غير القادر على العمل لضعف في جسمه او انه معاق حركياً او عقلياً.
٣-اذا كان الشخص قوياً وسليم الاعضاء ولا توجد له فرص عمل بسبب انتشار البطالة او لاي سبب قاهر آخرحينئذ فإن الفقهاء اجازوا اعطاء الزكاة له لانه يأخذ حكم الفقير او المسكين او يأخذ حكم العاجز عن العمل، وهذا ما اشار اليه الامام النووي في كتابه المجموع في الفقه الشافعي » الجزء السادس/الصفحة ١٩١ ما نصه: اذا لم يجد الكسوب من يستعمله حلت له الزكاة لانه عاجز.
٤-على ضوء ما تقدم فإنه يجوز شرعاً اعطاء الزكاة الى الذي يتفرغ لطلب العلم بمختلف التخصصات العلمية المشروعة وفي نفس الوقت لا يعمل حيث ان طالب العلم يأخذ حكم الفقير او المسكين، كما يأخذ حكم العاجز عن العمل بغض النظر عن غنى والده او فقره.
وبهذا افتي وبالله التوفيق