خطبة وصلاة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك يوم 13/5/2011م
31 أغسطس، 2016الحمد لله الحمد لله الذي لا يحمد أحد سواه الحمد لله حمد العابدين الشاكرين
ونستغفرك ربنا ونتوب اليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله، أنت ربنا ونحن عبيدك لامعبدود سواك ، لا ركوع ولا سجود ولا ولاء إلا اليك سبحانك فأنت ملاذ المؤمنين الصادقين حافظ المسلمين المجاهدين، مخزي المنافقين، المتسلقين آخذ الكافرين المعتدين المتغطرسين ونشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي قدير . القائل ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار… سورة هود الآية 113، اللهم اجعل في قلوبنا نوراً، وفي ابصارنا نوراً، وفي اسماعنا نورا وبين ايدينا نوراً اللهم يسر لنا نورنا ووحد صفوفنا واحمي دماءنا ونشهد انا واياكم ان سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمداً عبد الله ونبيه ورسوله امام المتقين وقدوة العاملين القائل: ” ان الناس اذا رأوا الظلم فلم يأخذوا على يديه أوشك ان يعمهم الله بعقاب” وفي رواية ” ان الناس اذا رأوا منكراً فلم يغيّروه يوشك ان يعمهم الله بعقابه” رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه. صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجلين، ومن تبعهم وخطا دربهم واستن سنتهم ونهج نهجهم باحسان إلى يوم الدين. أما بعد فيقول الله عز وجل في سورة الفجر إلم تر كيف فعل ربك بعاد. ارم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الاوتاد. الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. فصب عليهم ربّك سوط عذاب. إن ربك لبلمرصاد. سورة الفجر الآيات 6 – 14 صدق الله العظيم نعم أيها المسلمون- أيها المرابطون- يا أحبة الله. إن الله العليّ القدير الجبار المتكبر لبلمرصاد لمعاقبة الظامين مهما طغوا تجبروا وأفسدوا… وان الله جلت قدرته وعظمته يمهل الظالم ولا يمهله… اي ان الله سبحانه وتعالى يمهل الظالم ويؤخر عقابه حيث يعطيه فرصة للتراجع عن ظلمه، فاذا لم يرتدع عن ظلمه يأخذه الله اخذ عزيز مقتدر وأن الله تعالى يهيء الاسباب لمعاقبة الظالم فيقول تعالى في سورة هود: وكذلك أخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد” الآية42 وفي سورة الحاقة: “فعصو رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية” الآية 10 وفي سورة المزمل: “فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً” الآية 16. ويقول رسولنا الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم: “الظلم ظلمات يوم القيامة” متفق عليه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث شريف آخر: “ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته” رواه البخاري ومسلم والترمذي عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- وهناك عشرات الاحاديث النبوية الشريفة في هذا المجال. أيها المسلمون- يا أحبة الله أما المظلوم فإن دعوته مستجابة عند الله عز وجل، فيقول رسولنا الاكرم محمد –صلى الله عليه وسلم-: “اتق دعوة المظلوم، فانه ليس بينها وبين الله حجاب” رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وفي حديث نبوي شريف آخر: ” ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والامام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزّتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين” رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمه وابن حيان عن الصحابي الجليل أبي هريرة –رضي الله عنه- وهناك عشرات الأحاديث النبوية الشريفة في هذا المجال. أيها المسلمون- يا أحبة الله. والسؤال الذي يطرح نفسه: اننا ندعو الله عز وجل كثيراً لأن يرفع الظلم عنا ، فلا نشعر بأن الله عز وجل قد استجاب لنا؟ لماذا؟ والجواب أنه ليس بالضرورة أن تكون استجابة الدعوات فورية، فالله علام الغيوب. لكن الاستجابة أيها المسلمون لها شروط. أهمها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقول رسولنا الاكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباًث من عنده ثم لتدعنّه ولا يستجاب لكم” رواه الترمذي عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه- فهذا الحديث الشريف جواب لمن يقول: لماذا يستجيب الله عز وجل دعواتنا؟ وفي حديث نبوي شريف آخر :” لا تظلموا فتدعوا فلا يستجاب لكم، وتستسقوا، فلا تسقوا، وتستنصروا فلا تنصروا” رواه الطبراني عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. أيها المسلمون- أيها المصلون. ما دمنا ننافق للحكام الذين لا يطبقون كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وما دمنا لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر فلا مجال لان يستجيب الله عز وجل لنا ف يحين أن الذي يدعو الله بايمان وإخلاص فان الله رب العالمي\ين يستجيب له، وأسوق في هذا المجال مثالاً تطبيقياً واحداً ناطقاً بالحقيقة يتعلق بالصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه/ فقد خاصمته امرأة تدعى اروى إلى الخليفة الأموي مروان بن الحكم حيث ادعت بأن سعيداً أخذ شيئاً بعد الذي سمعت من الرسول –صلى الله عليه وسلم- فقال الخلايفة مروان: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: سعيد بن زيد: سمعته يقول: “من أخذ شبراً من الارض ظلماً طوقه الله إلى سبع أرضين” رواه مسلم. فقال مروان: لا أسألك بنية بعد هذا، وصدقه ورد ادعاء المرأة الزائف. فقال سعيد: اللهم أن كانت هذه المرأة كاذبة فاعم بصرها واقتلها في ارضها. وبعد هذا الدعاء اذهب الله بصرها، وبينما هي ماشية في أرضها اذ وقعت في حفرة فماتت، وقبل فترة من الزمان دعا شخص مظلوم على الظالم بقوله: “اللهم احرق دمه. فلم تمض أشهر قليلة اذ اصيب الظالم بسرطان الدم فاحرق الله دمه، وقضى نحبه. أيها المسلمون- أيها المرابطون لقد ارادتا حكمة الله العلي القدير أن يقام العدل في الارض، والعدل، كما تعلمون عكس الظلم، والعدل أساس الحكم، والملك، وقد حث ديننا الاسلامي العظيم على العدل وطبقه على جميع المواطنين منذ عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- ومروراً بالخلفاء المسلمين حتى زوال الخلافة الاسلاتمية اثر الحرب العالمية الاولى. وأكتفي ببعض النماذج في هذا المجال: فإن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد عاقب ابن عمرو ابن العاص والي مصر لانه قد اعتدى على القبطي المصري، فقال عمر بن الخطاب للقبطي: اضرب ابن الاكرمين كما ضربك، وقال عمر قولته المشهورة: بم استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً. (من كتاب سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج ابن الجوزي ص: 70وص: 71. وذكرت كتب الحضارة الاسلامية أن الخليفة العادل
عمر بن الخطاب قد امتنع عن أكل اللحم والسمن حتى يحلّ مشكلة القحط الذي أصاب الجزيرة العربية، وكان خلال هذه المدة يأكل الخبز والزيت فقط، فاستعان بالولاة في بلاد العراق والشام ومصر حتى تمكن من حلّ مشكلة المجاعة (من كتاب سيرة عمر بن الخطاب لابي الفرج ابن الجوزي ص: 97، وص: 98. فالحاكم العادل الذي يجوع من أجل أن تشبع رعيته، أما اذا شبع الحاكم ورتع واتخم واثري فان رعيته تجوع، وهذا ما نشاهده في أيامنا هذه، فكتب الحضارة الاسلامية حافلة بآلاف الامثلة الايمانية والانسانية التي تؤكد عدالة الاسلام لجميع المواطنين بلا استثناء. فأين أنت يا عمر بن الخطاب ؛ أين أنت يا عمر بن عبد العزيز، أين أنت أيها المعتصم؟ أين أنت يا صلاح الدين الايوبي؟…. فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا حاكماً عادلاً مطبقاً كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وموحداً للامة الاسلامية، فلا يصلح آخر هذا الامر الا بما صلح به أوله. جاء في هذا الحديث الشريف”التائب من الذنب كمن لا ذنب له” رواه ابن ماجة في سننه والبيهقي في شعب الايمان عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة، فيا فوز المستغفرين. استغفروا الله الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الامي الامين وعلى آله الطاهرين أجمعين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد. ايها المصلون- يا ابناء هذه الارض ارض الاسراء والمعراج. اطلعت في احدى الصحف المحلية على قائمة باسماء رجال الاعمال الاثرياء من العرب الاشاوس الذين يمتلكون مئات المليارات بالاضافة إلى اثرياء آخرين لم يكتشفوا بعد، والايام حبالى تلد كل عجيب… وأتساءل: هل فكر هؤلاء بمدينة القدس المحتلة الاسيرة المهمشة المنسية؟ هل فكرت الحكومات العربية دعم المؤسسات المقدسية، وبخاصة بعد مؤتمر القمة العربية الذي عقد في ليبيا قبل عام واحد تقريباً؟، هل حاولوا انقاذ القدس من التهويد؟ وهل يوجد فيهم من يفكر بانهاء الاحتلال الاسرائيلي عن هذه البلاد التي باركها الله وبارك ما حولها؟ اننا على منبر المسجد الاقصى المبارك نعلن ونؤكد انه لا تنازل عن هذه البلاد المباركة المقدسة فهي وقفية، وهذا هو موقفنا الايماني المبدئي الشرعي سابقاً، ولاحقاً. وسبق ان اصدرنا فتوى شرعية بتحريم القبول بفكرة الوطن البديل أو بتبادل الاراض ي ولا نقر ولا نعترف باي اتفاق يتعرض لهذاغ الموضوع وما يبنى على الباطل فهو باطل. أيها المسلمون أيها المصلون يا ابناء ارض الاسراء والمعراج، أما المسجد الاقصى المبارك فان الانفاق
المحيطة به هي بمثابة اعتداء صارخ عليه، وانتهاك لحرمته، وهي ايضاً بمثابة اعتداء على الوقف الاسلامي، ونؤكد مراراً وتكراراً بان المسجد الاقصى المبارك هو للمسلمين وحدهم بقرار من رب العالمين، وان القرار الرباني غير خاضع للمساومة ولا للتنازل ولا للتفاوض، ولن نقبل بأي اشراف غير اسلامي على الاقصى، فالاقصى يخص المسلمين جميع المسلمين منذ وقوع معجزة الاسراء والمعراج حتى يومنا هذا، وحتى قيام الساعة ولا أحد في العالم يملك أن يتباحث في موضوع الاقصى، فهو خط أحمر، وكنا ولا نزال على العهد والوعد مع الله العلي القدير لحماية الاقصى، ولا تفريط بذرة تراب منه، فهو أمانة الاجيال تلو الاجيال، فهو الذي جثت فوق عظمته الاجيال، وحنت لهيبته مواكب الرجال، فحماك الله يا اقصى. أيها المصلون الساعة الساعة استجابة من بعدي: اللهم آمنا في أوطاننا، وارفع مقتك وغضبك عنا. اللهم احم المسجد الاقصى من كل سوء. اللهم هيئ من يوحد المسلمين ويحذوا حذو صلاح الدين. اللهم اجعل الأمة في كفالتك، واهدها للعمل بكتابك. اللهم ارحم شهداءنا وشاف جرحانا وأطلق سراح أسرانا، وعليك بمن آذانا. اللهم يا الله يا أمل الحائرين ويا نصير المستضعفين ندعوك بكل اليقين أعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين. اللهم انا نسألك توبة نصوحاً: توبة قبل الممات، وراحة عند الممات، ورحمة ومغفرة بعد الممات. اللهم انصر المسلمين واعمل بفضلك كلمة الحق المبين. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات “وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون”