خطبة عيد الأضحى من المسجد الأقصى المبارك يوم 16 / 10 / 2010م
31 أغسطس، 2016الله اكبر (( 9 )) مرات.
الله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين رغم أنف العلمانيين الحاقدين .الله أكبر ولا خلاص لنا إلا بالتمسك بحبل الله المتين، ولا قوة لنا الا بوحدة المسلمين.الله أكبر ما أذّن المؤذن إلا لرفع كلمة التوحيد ولنصرة الدين والتمكين.
الله اكبر – الله اكبر – الله اكبر.
الله اكبر على من طغى وظلم، وأفسد وعربد، وتكبر وتجبرّ.الله أكبر على من تجسس للأعداء وخان دينه وبلاده وشعبه فتقهقر.الله اكبر على من باع ارضه وعقاره لليهود أوسمسر.
الله اكبر- الله اكبر- الله اكبر.
الله اكبر على من يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا.الله اكبر على من يخوضون في أعراض الناس وقد خسئوا.الله اكبر على العملاء والوشاة وقد كذبوا.
الله اكبر- الله اكبر- الله اكبر.
الله اكبر على شياطين الجن والإنس الذين يشمتون بالمسلمين.الله اكبر على المثبطين والانهزاميين الذين لا يحبون الخير للمؤمنين.الله اكبر على من يخذل إخوته المظلومين والمكلومين والمنكوبين.
الله اكبر – الله اكبر- الله اكبر
الله اكبر ما ضجّ الحجيج بالتلبية فأشرق الفضاء واهتزت الأرجاء.الله اكبر ما اغرورقت عيونهم بالدمع فرحاً لرؤية بيت رب الأرض والسماء.الله اكبر ما طافوا كأمواج البحر متعلّقين بالأستار مقبّلين حجر الاسعاد زائرين النبي العدنان طالبين من الله العفو والرجاء.
الله اكبر- الله اكبر- الله اكبر
الحمد لله حمد العابدين الشاكرين.
ونشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون :
في هذه الصبيحة الميمونة نستقبل يوماً أغرّ من أيام الإسلام، يوماً حافلاً بالعبر والعظات، فقد شرع لنا الإسلام عيد الأضحى المبارك ليعلمنا كيف تكون التضحية. وكيف يكون الصبرعلى النوائب والشدائد، وكيف يكون الثبات حين الإختبار والابتلاء .
وتأتي قصة الذبح رمزاً لهذا كله، فإن سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام يرى في منامه أن الله عز وجل يأمره تقديم ابنه الوحيد اسماعيل عليه السلام قرباناً لله رب العالمين. وكان اسماعيل عليه السلام وقتئذ هو الإبن الوحيد، وذلك قبل ولادة اسحق عليه السلام، إنه الغلام اسماعيل الذي وصفه الله بالحليم بقوله سبحانه وتعالى :(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)(الصافات:101). وأنه من المفضلين على العالمين بقوله عز وجل (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)(الأنعام:86). وان اسماعيل عليه السلام كان صادق الوعد بقوله سبحانه وتعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)(مريم:54).
أيها المسلمون :
إنه من المعلوم بداهة ان الرؤيا المنامية بحق الأنبياء والمرسلين هي حق وصدق. وهل يوجد اختبار أشدّ من أن يؤمر الأب بذبح ابنه؟ فيستجيب الأب والإبن للأمر الرباني رغم محاولة الشيطان إغواء كلٍ منهما على حده ، ولكنه فشل في مهمته ورُمي بالحجارة ، ومن هنا جاءت مشروعية رمي الجمارات في مناسك الحج .
أيها المسلمون :
وينجح ابراهيم واسماعيل عليهما السلام في الاختبار والامتحان، وينعم الله عز وجل عليهما بذبح عظيم فيقول سبحانه وتعالى في سورة الصافات(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)(102-107). من هنا جاءت مشروعية الأضاحي في الإسلام، وعرف هذا العيد بعيد الأضحى، كما عرف بعيد التكبير لكثرة التكبيرات فيه.
أيها المسلمون :
لقد اختط رسولنا الأكرم r نهج التربية القويمة والتضحية السامية مع أصحابه واتباعه بأن يضحّوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله لاعلاء كلمة الله ورفع راية الإسلام. ومن المعلوم بداهة أن العلماء اعتبروا الجهاد ركناً سادساً من أركان الاسلام، وما ترك الجهاد قوم إلا ذلّوا. فأصبح المسلمون في هذه الأيام ضحية المؤامرات فاستعمرت بلادهم واحتلت من قبل اعدائهم. ثم توجّه لهم تهمة الارهاب والتطرف زوراً وبهتاناً وعدوانا. ليس هذا فقط بل التآمر أخذ أبعاداً أخرى في إثارة الاقتتال والفتنة بين الاخوة ، وهنا الجريمة وهنا الهزيمة الكبرى . فاحقنوا دماءكم أيها الاخوة ونحن في الأشهر الحرم ، ونحن في أيام العيد المباركة وتذكروا دائماً وباستمرار قول الرسول r ” إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه “(متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي بكرة t).
أيها المسلمون :
إن ديننا الاسلامي العظيم هو دين العزة والكرامة، هو دين الرحمة والعدالة لجميع الناس لأنه ينشر العدل والأمان لجميع الأنام ويهدف الى إسعاد البشرية وطمأنينيتها. ولا يصلح آخر هذا الامر إلا بما صلح به أوله.
أيها المسلمون :
اجعلوا صلتكم بالله قوية،اجعلوا أملكم بالله مستمراً(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)(الأنعام الآية 18والآية61).لا تجزعوا لما تشاهدون وتلمسون من حصارات وفساد وإفساد ومجازر واضطهاد (اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(آل عمران :200).والفرج آتٍ لا محالة ان شاء الله بقدرته وارادته (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الانشراح:5-6) .
الله اكبر- الله اكبر- الله اكبر.
الخطبة الثانية :
الله اكبر ( 7 ) مرات
الله اكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله العظيم وبحمده بكرة وأصيلا.
أيها المصلون :
أتناول في هذه الخطبة ثلاثة أحكام فقهية :
1- الحكم الأول بشأن التكبيرات أيام عيد الأضحى المبارك:
لقد بدأت التكبيرات من فجر يوم عرفة (أي أنها بدأت أمس)وتستمر هذه التكبيرات حتى وقت العصر من اليوم الرابع للعيد على رأي الحنفية والحنابلة. أما الشافعية فيمتد وقت التكبير لديهم الى صلاة المغرب من اليوم نفسه (أي من اليوم الرابع).
2- الحكم الثاني بشأن وقت نحر الأضاحي:
كما هو معلوم ان وقت نحر الأضاحي يبدأ بعد أداء صلاة عيد الأضحى لقوله سبحانه وتعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(الكوثر:2). ويستمر وقت النحر حتى اليوم الرابع من أيام العيد فمن لم يتمكن من النحر في اليوم الأول فهناك الوقت موسع في أيام العيد،مع الإشارة إلى أن الأضحية هي سنة مؤكدة لدى الجمهور، وهي واجبة لدى الحنفية، وتؤدى سنوياً على كل مقتدر.
3- الحكم الثالث بشأن زيارة القبور:
إن زيارة القبور مباحة شرعاً لقول الرسول r” كنتم نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تزهّد في الدنيا، وتذكر الآخرة ” رواه ابن ماجه عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود t.وفي حديث نبوي شريف آخر ” نهيتكم عن زيارة القبور فزروها” رواه مسلم عن الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب الأسلمي t . وفي حديث نبوي ثالث ” … فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ” رواه مسلم عن الصحابي الجليل أبي هريرة t. وينبغي مراعاة الأحكام الشرعية المتعلقة بالزيارة منها :التزام الهدوء وعدم الضجيج،والاكثار من الدعاء والاستغفار للميت ومسامحته، عدم تجديد قبول التعازي في هذا اليوم ،وعدم تجديد الأحزان ، وحرمة النحيب والنياحة. ولا تنسوا أيها المسلمون زيارة الأحياء من ذوي الأرحام بعد ذلك .
أيها المسلمون :
إنه العيد يوم من ايام الله، يضاعف فيها الحسنات، إنه يوم عبادة تؤدى فيه صلاة العيد وتقدم الأضاحي، وتقوّى فيه صلاة الرحم بين الناس فمن كان مقاطعاً أمه او اخته او ابنته فليبادر الى زيارتها رغم الحواجز والحصارات اللعينة الظالمة. واذكركم بإدخال الفرحة إلى قلوب الأيتام وإلى زيارة أهالي الشهداء والجرحى والأسرى ففي ذلك الثواب العظيم. مؤكداً يامسلمون على أن العيد ليس اختلاطاً ماجناً وليس عيداً للرقص والغناء ولا لليالي الحمراء ولا لموائد القمار. إنه يوم عبادة.
اللهم أعد علينا أمثال هذا العيد والمسلمون لدينهم مطبّقون، و لرايتهم رافعون ، ولشعوبهم موحدون ، وللقدس والأقصى محررون.
اللهم ارحم شهداءنا وشاف جرحانا وفك اسرانا.
يا ارحم الراحمين ارحمنا.
يا ناصر المظلومين انصرنا.
يا موحد القلوب وحدنا.
وتقبل الله الطاعات منا ومنكم.
وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته