خطبة الجمعة من المسجد الاقصى المبارك يوم 19 / 11 / 2010م
31 أغسطس، 2016الحمد لله… الحمد لله الذي لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من الاسلام سربالاً
الحمد لله أنعم علينا الايمان والاسلام
الحمد لله أرسل إلينا النبي العدنان عليه الصلاة والسلام خير الأنام
ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شرريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
اللهم إني طرقت باب الرجاء والناس قد رقدوا
وبت أشكوا إلى مولاي ما أجد
ولقت: يا أملي في كل نائبة ومن عليه لكشف الضر أعتمد
وقد مددت يدي بالذل ضارعة اليك بالخير من مدت اليه يد.
فلا تردنها يا رب خائبة فبحر جودك يروي كل من يرد.
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمداً عبد الله ونبيه ورسوله إمام المتقين وقدوة العاملين.
صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجلين، وصحابته الغرّ الميامين المحجلين، ومن تبعهم ونهج نهجهم واستن سنتهم وخطا دربهم واقتفى أثرهم باحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيقول الله عزوجل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” النساء 58.
أيها المسلمون- يا أحبة الله.
هذه الآية الكريمة من سورة النساء وهي مدنية ، ولها سبب نوةل يتعلق بالصحابي الجليل عثمان بن طلحة رضي الله عنه من بني عبد الدار بن قصي القرشي، وهو سادن الكعبة المشرفة، وكان مقناح الكعبة في حوزته أمانة لديه قبل الاسلام، حيث كانت عائلته تتوارث هذا الشرف، وحينما تم الفتح الأعظم (فتح مكة) نزلت هذه الآية الكريمة فأمر (عليه السلام) أن تستمر سدانة الكعبة لعثمان بن طلحة ولأبنائه من بعده حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لا يأخذها منهم إلا ظالم. هذا لا تزال السدانة تتوارثها عائلة عثمان بن طلحة –رضي الله عنه – حتى اليوم.
أيها المسلمون- يا أحبة الله.
إن “الأمانة” لفظ عام يشمل جميع التكاليف الشرعية والفرائض الالهية التي كلف الله بها الناس من صلاة وصيام وزكاة وحج، ومن الالتزام بالطاعات والاجتناب للمحرمات، ويدخل في اللفظ العام للأمانة: جميع الأمانات والودائع المالية والديون والمكاييل والموازين وسائر المعاملات فيقول رسولنا الأكرم” محمد صلى الله عليه وسلم- الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وعدد أشياء وأشياء، وأشد ذلك الودائع” رواه أحمد والبيهقي عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أيها المسلمون- يا أحبة الله
لقد اتصف الأنبياء والمرسلون عليهم السلام بالأمانة حيث حافظوا على أداء رسالتهم وتبليغها للناس بكل أمانة وصدق وإخلاص ، ومن نماذج ذلك ما اتصف به سيدنا يوسف عليه السلام فيقول عزّوجل: ” قال أجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم” سورة يوسف آية 55. وكذلك ما ورد في القرآن الكريم بشأن سيدنا موسى عليه السلام فيقول سبحانه وتعالى” إن خير من استأجرت القويّ الأمين” سورة القصص الآية 56. كما اتصف رسولنا الأكرم محمد بالأمانة حيث لقب ب
“الأمين من قبل قريش رغم أنهم كانوا مشركين، وذلك قبل البعثة النبوية لأن رب العالمين قد هيأ الرسول محمداً –صلى الله عليه وسلم- للنبوة ولحمل الرسالة الاسلامية منذ ولادته ونشأته، وأن سيرته العطرة معلومة ومعروفة.
أيها المسلمون- يا أحبة الله.
ان المؤمن الحق هو الذي يحافظ على الأمانات.
فإذا إئتمن لم يخن، وانه يرعى العهود فإذا عاهد أوفى بالعهد ولم يغدر، والله سبحانه وتعالى يقول: ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” وهذه الآية الكريمة وردت مرتين بهذا النص في سورة المعارج آية 32. وسورة المؤمن آية 8 ويقول عليه السلام “أد الأمنة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” رواه أحمد وابن داود والترمذي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صحيح الاسناد. ومعنى لا تخن من خانك أي لا يجوز أن تقابل السيئة بسيئة أخرى، وان الخطأ لا يجوز أن يقاس عليه. ويقول –صلى الله عليه وسلم- في حديث نبوي شريف آخر: ” لا ايمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” رواه أحمد والبيهقي والهيثمي عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه. فيلاحظ بأن هذا الحديث الشريف قد ربط بين الايمان والأمانة ، ونفي الأمانة مع نفي الايمان
أيها المسلمون يا أحبة الله
كما ربط ديننا الإسلامي العظيم بين النفاق وبين الخيانة للأمانة فيقول رسولنا الأكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- ” آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا وعد أخلف” متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، ويحذر من الخيانة في الشراكة وذلك في الحديث القدسي” قال تعال: أنا ثالث الشريكين، ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما” رواه البيهقي والحاكم والذهبي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه. فليس المراد هنا: الشراكة الحقيقية من الله رب العالمين، وإنما المراد من ذلك هي رعاية الله للشريكين ما دامت الامانة قائمة بينهما، وأنه عزّوجل يضع البركة في تجارتهما وفي مالهما، وأنه يوفقهما في عملهما، أما إذا وقعت الخيانة من أحدهما أو من كليهما فإن الله سبحانه وتعالى يرفع عنايته وتوفيقه من الشراكة، وينزع البركة من مالهما، فالخروج من الشركة كناية عن عدم رضا الله رب العالمين عن التصرفات الخيانية وعن خيانة الأمانة.
أيها المسلمون- يا أحبة الله.
لقد ربط القرآن الكريم خيانة الأمانة بخيانة الله ورسوله فيقول سبحانه وتعالى في سورة الأنفال” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون” الآية 28 أي لا تخونوا دينكم ولا تخونوا الرسول عليه الصلاة والسلام من خلال التجسس والعمالة والتعاون مع الكفار ومع الأعداء وذلك باطلاعهم أسرار المؤمنين وبتزويد الأعداء بالمعلومات التي تضر بالمسلمين فإن الأمانة ثقيلة
فالأمانة الأمانة أيها المسلمون وإياكم والخيانة فإن الخيانة مرتعها وخيم.
جاء في الحديث النبوي الشريف:
التائب من الذنب كمن لا ذنب له- رواه ابن ماجه ي سننه والبيهقي في شعب الايمان عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
صدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة
فيا فوز المستغفرين.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الامي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد.
أيها المصلون-نلفت نظركم إلى أن التكبيرات مستمرة أيام عيد الأضحى المبارك حتى وقت العصر من هذا اليوم (وهو اليوم الرابع) لذا سنكبر إن شاء الله بعد صلاة الجمعة مباشرة.
أيها المصلون
يقول رسولنا الأكرم –صلى الله عليه وسلم- ” من حلف بالأمانة فليس منا” أخرجه أبو داود عن الصحابي الجليل بريده بن الحصيب الأسلامي –رضي الله عنه- واسناده صحيح .
فلا يجوز الحلف بلفظ الأمانة مهما كانت نية الحالف وهذا أمر شائع عند بعض التجار لترويج بضائعهم، وأن عددا من الفقهاء قد أجازوا الحلف بلفظ (أمانة الله) على اعتبار أن الأمانة (صفة من صفات الله) وذلك من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف شريطة أن يكون الحالف صادقاً غير حانث، وعليه فلا يجوز الحلف بلفظ (الأمانة) فقط، وانما يجوز إضافتها إلى الله سبحانه وتعالى على رأي عدد من الفقهاء.
أيها المسلمون
إن الأمانة مجالها واسع باتساع ديننا الإسلامي العظيم: فإن فلسطين الأرض المباركة المقدسة هي الأمنة، وأن المسجد الأقصى المبارك هو أمانة في أعناق المسلمين في أرجاء المعمورة. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
أيها المصلون
الساعة الساعة استجابة فأمنوا من بعدي:
اللهم آمنا في أوطاننا، وفرج الكرب عنا.
اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
اللهم هيء من يوحد المسلمين ويحذو حذو صلاح الدين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار
اللهم أجرنا من النار وما يؤدي إلى النار
اللهم ارحم شهداءنا وشاف جرحانا واطرق سراح معتقلينا وعليك بمن آذانا.
اللهم استرنا بسترك الجميل الذي سترت به نفسك من خلقك فلا عين تراك ولا اذن تسمعك فيا جميل الستر استرنا.
اللهم يا الله يا أمل الحائرين ويا نصير المستضعفين ندعوك بكل اليقين إعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين.
اللهم انا نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها.
اللهم انصر المسلمين واعمل بفضلك كلمة الحق المبين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
“وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون”