حديث الجمعة الديني : الاسلام واليوم العالمي لرعاية الحيوان
2 أكتوبر، 2016تحتفل دول العالم في الرابع من شهر تشرين الاول «اكتوبر » باليوم العالمي
لرعاية الحيوان،
حيث تقيم العديد من النشاطات والفعاليات والبرامج التي من شأنها تعزيز وترسيخ
رعاية الحيوانات والاهتمام بها والمحافظة على بعضها من الانقراض.
نظرة الاسلام الى رعاية الحيوانات
حث الدين الاسلامي العظيم على الاحسان للحيوان، ومن مقتضيات شمولية الاسلام انه يرعى
الحيوانات بما في ذلك الطيور، فأنها تسبح لله، بل ان الكون كله يسبح بالله، والله رب العالمين يقول
«… وان من شيء الا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، انه كان حليماً غفوراً » سورة الاسراء
الأية رقم ٤٤ .وقد أشار القرآن الكريم الى بعض اسماء الحيوانات والطيور التي وردت في سياق احداث
او حكم او عبر ومنها حسب ترتيب السور:-البقرة، الطير، الانعام، النحل، الخيل، البغال، الحمير،
الحية، الثعبان، الذباب، النمل، الهدهد، العنكبوت، الفيل.
* الاحاديث النبوية والرفق بالحيوانات
هناك عشرات الاحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الاحسان الى الحيوانات وحسن معاملتها،
وتحذر من ايذائها او الضرر بها، واذكر عدداً منها مع شيءمن التعقيب، وهي:-
١ – عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل اربع من الدواب:
النملة والنحلة والهدهد والصرد، رواه ابو داود في كتاب الأدب.
ويرشد هذا الحديث الى ان الاسلام نهى عن قتل الحيوانات التي لا يجوز اكلها ولا تعتبر ضارة او
مؤذية، معنى كلمة الصرد: نوع من الطيور يعيش في الجزيرة العربية.
٢ – قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها
ولم تدعها تأكل من خشاش الارض »، وفي رواية )حبستها( بدلاً من )ربطتها( والمعنى واحد. اخرجه
البخاري ومسلم عن الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
٣ – عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا في سفر فمررنا بشجرة فيها
فرخاً حمرة فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة الى النبي صلى الله عليه وسلم وهي تعرّض، فقال عليه
الصلاة والسلام، من فجع هذه الحمرة بفرخيها؟ فقلنا: نحن، قال: ردوهما، قال بن مسعود: فرددناهما
الى مواضعهما ». رواه البيهقي في كتابة )دلائل النبوة/ الجزء السادس – الصفحة ٣٢(، معنى الفرخ:
صغير الحمام، الحمرة: من انواع الحمام، تعرّض: كناية عن الاحتجاج.
٤ – عن سوادة بن الربيع رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته، فأمر لي
بذود ثم قال لي: «اذا رجعت الى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم ومرهم فليقلموا أظفارهم ولا
يعطبوا بها ضروع مواشيهم اذا حلبوا ». اخرجه أحمد.
وقد اشار الى الاظافر الطويلة التي تسبب جرح ضروع الانعام لمن يتعاطى الحليب بيده.
٥ – عن أبي امامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رحم ولو ذبيحة عصفور
رحمه الله يوم القيامة ». اخرجه البخاري في كتاب الادب المفرد.
٦ – قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام «من قتل عصفوراً عبثاً عج الى الله عز وجل يوم
القيامة، يقول: يا رب ان فلاناً قتلني عبثاً ولم يقتلني لمنفعة ». رواه النسائي في كتاب الضحايا،
معنى عجّ: اي رفع صوته بالشكوى.
٧ – قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد
بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، واذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا
الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم امسكه بفيه فسقى الكلب فشكر
الله تعالى فغفر له، قالوا: يا رسول الله وان لنا في البهائم اجراً؟ قال: في كل ذات كبد رطبة أجر ،»
اخرجه البخاري ومسلم ومالك عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.
٨ – عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: مر الرسول برجل يحلب شاة فقال عليه الصلاة
والسلام: «اي فلان اذا حلبت فأبق لولدها فأنها من أبر الدواب .»
اخرجه الطبراني، وهذه لفتة من سيدنا محمد مليئة بالرحمة والشفقة على الحيوان الصغير الذي
هو بأشد الحاجة الى الرضاع من لبن أمه فلا يستأصل ما في الفرع من لبن وانما يترك شيء للولد.
٩ – عن ابي عمر وعبدالله بن جعفر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لا تمثلوا بالبهائم، لعن الله من مثل بالحيوان » اخرجه الشيخان والنسائي.
الذبح الشرعي والصيد
نظم الدين الاسلامي حياة المسلم في جوانبها المختلفة، ومن ذلك ما شرعه في مجال الاطعمة،
فقد حرم اكل الميتة والدم ولحم الخنزير، قال الله تعالى: «حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير
وما اهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع الا ما ذكيتم » سورة
المائدة الاية ٣.
وجاءت السنة النبوية فنصت على تحريم كل ذي ناب من السباع كالاسد والنمر والذئب وتحريم
كل ذي مخلب من الطير كالصقر والنسر، كما نصت على تحريم اكل الحمر الاهلية، اما ما يعيش في
البحر كالسمك والحيتان فهذا يجوز اكله سواء اصطيد او اخرج حيا ثم مات او اخرج ميتا وسواء طفا
على الماء بعد موته ام لم يطف، قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته »
رواه الترمذي في كتاب الطهارة.لقد شرع ديننا الاسلامي احكاما شرعية في كيفية ذبح الحيوانات
تتصف بالرأفة والرحمة وعدم الايذاء او التعذيب، فمن هذه الاحكام:
ان تكون الشفرة )السكين( حادة وغير متلمة، وان تسقى الذبيحة قبل ذبحها، وان لا ترى الذبيحة
السكين حين حدها، وان لا يكون الذبح امام الذبيحة الاخرى، وعلى الذابح ان يريح ذبيحته بان
يضجعها برفق دون ان يجرها بعنف، وعلى الذابح ان يتمهل في سلخها حتى تبرد بعد الذبح.
فلا يكسر او يقطع من الذبيحة شيء قبل زهوق روحها وسكون حركتها، وان يذكر اسم الله تعالى
على الذبيحة قبل الذبح مباشرة.
وهناك مجموعة من الاحاديث الشريفة التي تحث على الرفق بالذبيحة، ومن ابرزها:
١-عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع
رجله على صفحة شاه وهو يحد شفرته وهي تلحظ اليه ببصرها، فقال عليه الصلاة والسلام: «افلا
قيل لهذا؟ اتريد ان تميتها موتتين » رواه مسلم.
٢-عن معاوية بن قرة عن ابيه قال: قال رجل: يا رسول الله اني لاذبح الشاه فارحمها، قال رسول
الله : «والشاة ان رحمتها رحمك الله ». اخرجه احمد.
٣-عن الصحابي الجليل شداد بن اوس بن ثابت الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: «ان الله كتب الاحسان على كل شيء ، فاذا قتلتم فأحسنوا القتلة، واذا ذبحتهم
فاحسنوا الذبحة، وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته » . اخرجه مسلم واحمد وابو داود والنسائي
وابن ماجه والترمذي.
* الخاتمة:
ان الدين الاسلامي العظيم اهتم بالانسان والحيوان وبالشجر والحجر وبجميع المخلوقات قبل خمسة
عشر قرنا، ودعا الى الرفق واللين والابتعاد عن العنف، فعن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قالت ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ان الرفق لا يكون في شيء الا زانه ولا ينزع من شيء الا شانه”،
وعن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي سواه”. اخرجه الطبراني في الاوسط وابن
الهيثمي في مجمع الزوائد. ان على المسلمين ان يعتزوا بدينهم ويتمسكوا باحكامه وتعاليمه، وعلى
البشرية جمعاء ان تدرك بان الاسلام هو دين عالمي جاء لاسعادها في كافة المجالات. والله يقول الحق
وهو يهدي السبيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.