حديث الجمعة الديني : «التربية » في الاسلام – الحلقة الثانية
2 أكتوبر، 2016ان رعاية الاسلام للانسان تشمل ابوابا واسعة وجوانب متعددة للدلالة على ان الاسلام دين عالمي… دين دولي.. دين انساني، فلا يقتصر على شعب واحد ولا على قومية خاصة. وعليه فاني اكمل في هذه الحلقة ما شرحناه في الحلقة السابقة.
استحباب التأذين يستحب رفع الاذان في الاذن اليمنى للمولود، ورفع اقامة الصلاة في الاذن اليسرى، والحكمة في ذلك ان اول ما يقع في سمع الطفل هو كلمات النداء العلوي التي تدل على التوحيد وعلى اساس الاسلام، ولا بدّ من التنويه الى ان الاحاديث النبوية الشريفة التي تشير الى الاذان في الاذن اليمنى هي في مرتبة الحسن. اما الاحاديث النبوية الشريفة التي تشير الى الاقامة في الاذن اليسرى فهي احاديث ضعيفة من حيث المرتبة، ولكن
يؤخذ بها في فضائل الاعمال والحث على الطاعات، فعن الصحابي الجليل ابي رافع رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة ». رواه احمد وابوداود والترمذي والحاكم والبيهقي عن عبيد الله بن ابي رافع عن ابيه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وجاء في مسند ابي يعلى الموصلي عن الحسن مرفوعا «من ولد له ولد فأذن في اذنه اليمنى، واقام في اذنه اليسرى لم تضره ام الصبيان »، رواه السيوطي في الجامع الصغير والبيهقي وابن السني عن الصحابي الجليل الحسن بن علي رضي الله عنهما. وقال الميناوي في شرحه للجامع الصغير: اسناده ضعيف، و «ام الصبيان » من التابعات للجن، وقيل: هي الريح التي تصيب المولود فيخشى عليه منها وروي عن عمر بن عبدالعزيز الخليفة الاموي انه كان يؤذن في الأذن اليمنى، ويقيم في الاذن الصغيرى اذا ولد الصبي. تسمية المولود بأحسن الاسماء حث الرسول صلى الله عليه وسلم على اختيار الاسماء الحسنة للمواليد للحديث النبوي الشريف «انكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فاحسنوا اسماءكم » رواه ابوداود باسناد حسن في سننه وابن حبان في صحيحه عن الصحابي الجليل ابي الدرداء رضي الله عنه، ثم خصص «عليه الصلاة والسلام » الاسماء من قبيل التفضيل فقال: «احب اسمائكم الى الله عزوجل: عبدالله وعبدالرحمن » رواه مسلم في صحيحه عن الصحاب الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير بعض الاسماء التي فيها نوع من النفور او من التشاؤم فقد روي ان ابنة لعمر كان يقال لها «عاصية » فسماها عليه الصلاة والسلام «جميلة » رواه الترمذي وابن ماجه عن الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، و عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغير الاسم القبيح ». رواه الترمذي اي يسميه باسم آخر جميل وهناك عشرات الاحاديث النبوية
الشريفة التي تتضمن تغيير الاسماء ومن اسم قبيح الى اسم جميل. اما موعد تسمية المولود ففي الامر سعة، فيمكن تسميته في اليوم الاول من الولادة، ويمكن تأخير ذلك لليوم السابع من الولادة ففي الحديث النبوي الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ولد لي الليل غلام فسميته باسم ابي ابراهيم » رواه مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل انس بن مالك رضي الله عنه، فهذا الحديث النبوي الشريف يفيد ان التسمية كانت يوم الولادة. ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث نبوي شريف آخر «كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه » رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه. وقد صحح الترمذي هذا الحديث. فالتسمية جائزة في اليوم السابع، وهو اليوم الذي تقدم فيه العقيقة، ويحلق فيه رأس المولود. وقد عدّ «عليه الصلاة والسلام » حلق ارأس اماطة الاذى عن المولود فيقول من حديث نبوي شريف مطول «…واميطوا عنه الاذى » رواه البخاري وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي عن الصحابي الجليل سلمان بن عامر الضبّي رضي الله عنه.
تقديم العقيقة
العقيقة: هي الذبيحة التي تذبح للمولود، واصل العقيقة لغة: الشعر الذي يكون على رأس الوليد حين يولد. سميت الشاه التي تذبح للمولود: عقيقة لان الشعر يحلق عند ذبحها. ولابد من الاشارة الى انه لا علاقة لهذا اللفظ «العقيقة » بلفظ «عقوق الوالدين » في المعنى.وحكم العقيقة: انها سنة مؤكدة لدى جمهور الفقهاء، وبهذا نفتي ويذبح عن الغلام شاتان اثنتان متقاربتان شبها وسناً، وان يذبح عن البنت شاه واحدة، وهذا القول منسوب، للصحابي عبد الله بن عباس ولام المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وقال بهذا الرأي الشافعية والحنابلة واسحق بن راهوية وابو ثور فعن الصحابية ام كرز الكعبية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاه » رواه احمد وابو داود والبيهقي عن الصحابية ام كرز الكعبية رضي الله عنها. وفي رواية «عن الغلام شاتان وعن الانثى واحدة لا يضركم ذكراناً كن ام اناثاً ». رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن الصحابية ام كرز الكعبية ايضاً. اي سواء كانت العقيقة ذكراً او انثى الا انهم قالوا: من الاكمل والافضل شاتان عن الغلام فإن لم يتيسر فتجزىء شاه واحدة عن الغلام ويكون قد اصاب السنة، يستحب ذبح العقيقة يوم السابع من ولادة المولود ان تيسر ذلك، والا ففي اليوم الرابع عشر، والا ففي اليوم الحادي والعشرين من يوم ولادته، والا ففي اي يوم من الايام، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل غلام مرتهن بعقيقته » جزء من حديث شريف مطول رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الترمذي، عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه. وفي رواية «كل غلام رهين بعقيقته » وفي رواية اخرى «كل غلام رهينة بعقيقته » اي ان هذا النسك يبقى ملازماً للمولود حتى تذبح عنه العقيقة كالرهن في يد المرتهن لا ينفك الرهن الا بسداد ما في الذمة فكذا العقيقة. ولابد من التنويه الى ان المولود اذا توفي صغيراً، فإنه يشفع لوالده يوم القيامة اذا كان الاب قد عقّ عن ابنه، وعكس ذلك فإن الاب يحرم من شفاعة ابنه اذا لم يعق عنه. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: اذا لم يعق الاب عن ابنه لجهل بالاحكام الشرعية المتعلقة بالعقيقة او بسبب الفقر او الكسل او لاي سبب من الاسباب فهل يجوز للابن ان يعق عن نفسه، بعدما يشب ويكبر؟ والجو: لا بأس في ذلك بل اشجع الابن ان يعق عن نفسه فإن الابن يكون قد نال ثوابين: الثواب الاول ان الابن قد ابرأ ذمة واده، وهذا من قبيل الاحسان اليه والبريه، والثواب الاخر: ان الابن قد عق عن نفسه فقد نال ثواب العقيقة. بل هناك آثار تجيز ذلك فقد عقّ الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه بعد النبوة. كما
ان عدداً من التابعين والفقهاء قد عقوا عن انفسهم. واني اذ استهجن ممن يحاول منع الابن من ان يعق عن نفسه!!
فهل يوجد دليل شرعي على المنع؟ وعليه ارى ان يعق الابن عن نفسه اذا لم يكن الاب قد عق عن ابنه، واشجع عليه وارغب فيه وافتي به. اما بالنسبة لتوزيع لحم العقيقة فإنها توزع كالاضحية مثالثة: ثلث للعائلة، وثلث للاقارب والجيران، وثلث للفقراء. اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل، وارزقنا اليقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.