حديث الجمعة الديني: الذبائح بين الحل والحرمة- الحلقة الثانية
23 سبتمبر، 2016“محظورات عند الذبح”
لقد روي عن نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- عدة آحاديث نبوية في هذا المجال استعرض عدداً منها:
1- إن رسولنا الأكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن النخع بقوله: “نهى أن تُنخع الشاة إذا ذبحت”- كتاب نصب الراية ج4 ص: 188.
2- نهى عليه الصلاة والسلام عن الفَرَس فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد نهى الذبيحة أن تفرَس”- رواه الطبراني في معجمه وابن عدي في الكامل عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما “؛ لان نخع الذبيحة أو فرسها فيه إيلام للذبيحة ومخالفة للطريقة الشرعية للذبح.
3- شدد عليه الصلاة والسلام على التمسك بكيفية الذبح المشروعة ونهانا عن غيرها فقد ثبت أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: “من قتل عصوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله عن قتله” قيل: يا رسول الله ، وما حقها؟ قال: أن تذبح فتأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمى بها”- أخرجه أحمد والنسائي والطبراني والحميدي والبخاري في التاريخ وابن عدي في الكامل عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما-.
4- وأن رسولنا الاكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- قد “نهى عن شريطة الشيطان” . زاد ابن عيسى: هي الذبيحة التي يقطع منها الجلد ولا تفرى الاوداج ثم تترك حتى تموت– رواه أبو داود عن الصحابيين الجليلين عبد الله بن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم. أي نهى عليه الصلاة والسلام عن الذبح السطحي الذي لا يفري الأوداج.
5- وقال في حديث نبوي آخر: “ما يقطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة لا تؤكل”- أخرجه أحمد والترمذي والدارمي والدارقطني ،والحاكمعن الصحابي الجليل أبي واقد الليثي –رضي الله عنه-. حيث قدم النبي –صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يجبّون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم.
6- نهى –صلى الله عليه وسلم- أن تذبح الحيوانات بالسن والظفر فقال: “ما انهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة”- أخرجه البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجه عن الصحابي الجليل رافع بن خديج –رضي الله عنه-..
7- عن الصحابي الجليل أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: “نهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن تصبر البهائم- رواه أبو داود . أي توثق وتربط وتتخذ هدفاً للقتل.
8- وعن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: “سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل”- متفق عليه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- ومعنى تصبر: تحبس وتوثّق وتربط- المصباح المنير ج1 ص: 452.
البسملة حين الذبح
من مستلزمات الذبح ذكر البسملة من قبل الذابح لقوله سبحانه وتعالى: ” وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ “-سورة الأنعام الآية 121.وقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: “ما انهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر: أما السن فعظم، وأما الظفر فمُدى الحبشة”- أخرجه البخاري وأحمد والترمذي روابن ماجه عن الصحابي الجليل رافع بن خديج –رضي الله عنه-.
وللفقهاء رأيان في حكم البسملة، هما:
1- الرأي الأول: (الحنفية والمالكية والحنابلة) الذي يمثل رأي الجمهور الذين قالوا بأن التسمية على الذبيحة شرط واجب للحل، واستدلوا بقول الله سبحانه وتعالى: ” وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ “–سورة الأنعام الآية 121. ولو تركها عامداً لم تحل. أما إن تركها ناسياً فإن النهي في الآية الكريمة محمول على ما تُركت التسمية عمداً بدليل قوله “إنه لفسق”.
2- الرأي الآخر: من اعتبر التسمية شرط استحباب لا شرط وجوب وقال بهذا الرأي الشافعية فإجازوا الذبح مع الكراهة حين عدم ذكر البسملة، واستدلوا بقول الله عزّوجل : ” الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ “- سورة المائدة الآية 5. حيث إن غالب أهل الكتاب لا يسمون عند الذبح، فلو أن التسمية شرط الوجوب لما أحلّ الله طعام أهل الكتاب.
نصوص بشأن التسمية
1- كما ورد في السنة النبوية المطهرة عن أم المؤمنين عائشة الصديقة –رضي الله عنها-أن قوماً قالوا: يا رسول الله، إن قوماً حديثو العهد بالجاهلية يأتون بلحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لم يذكر، أنأكل منها؟ قال: اذكروا اسم الله وكلوا”- رواه البخاري في صحيحه وأبو داود في سننه.
2- ثبت أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين الذبح فليسم وليذكر اسم الله عليه ثم ليأكل”- رواه البيهقي والدار قطني وسعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحمدي وعبد الرزاق عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-.
3- وفي الموطأ للإمام مالك أن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- سئل عن الذي ينسى أن يسمي الله تعالى على ذبيحة فقال: يسمي الله ويأكل، ولا بأس. ويستحب أن يضيف التكبير إلى التسمية فيقول : “بسم الله والله أكبر”- أخرجه أبو داود والترمذي وتحفة الفقهاء والشرح الصغير وعلى ضوء ما ذكر من الأدلة فإني إذ أميل إلى رأي الشافعية تسهيلاً على المسلمين ، وبخاصة من يقيمون خارج ديار الإسلام ، والله تعالى أعلم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وارزقنا اليقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.