حديث الجمعة الديني : العلم طريق الايمان – الحلقة الثالثة
2 أكتوبر، 2016بعد ان تناولنا مكونات الكون، واستعرضنا حركة الشمس والقمر والارض كنماذج من
مكونات الكون في الحلقة السابقة فاننا نحاول ان نعرج على اصول «الحياة » على الأرض.
الحياة على الارض
تتمثل الحياة على الارض بوجود «الخلية » وهي الوحدة المتناهية في الصغر التي
تحتوي على مادة الحياة، ولهذه الخلية القدرة على توزيع «الحياة » لكل كائن حي كبيرا
كان او صغيرا، وانها اي الخلية، لا ترى بالعين المجردة، بل لا بد من استعمال جهاز مكبر
«ميكروسكوب » لرؤيتها، ويقول الدكتور وليم سيفرتيز في تعريف الخلية «ان المادة المعروفة
ب «البروتوبلازم » هي خليط معقد من الماء والاملاح والسكريات والدهون والبروتينات، وفي
هذه المادة الحياة تحدث تلك العمليات التي تؤلف في مجموعها الحياة. والسؤال هل يتمكن
الانسان من ايجاد الحياة في هذه الخلية مع انه يعرف مركباتها ومكوناتها؟! علما ان وزن
جدار الخلية الواحدة يقل عن جزء من المليون من الغرام والذي لا يرى بالعين المجردة؟!
والجواب: ان بعض العلماء يشككون في امكان الوصول الى خلق الحياة، وان البعض الاخر
يعتبرونه من الامور المستحيلة، ويقولون عن الحياة انها سر من اسرار الكون. ويقول الدكتور
مارتن توين «ان عقل الانسان مبني بطريقة لا يقدر معها على خلق شيء، وهو لا يمكن الا
استخدام مواد حصل عليها من الخارج ». وقد اشار القرآن الكريم الى ذلك قبل خمسة عشر
قرنا فيقول الله عز وجل «ان الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت
من الحي، ذلكم الله فانى تؤفكون ». سورة الانعام الاية 95 .
الماء سر الحياة
لقد ادرك العلماء حقيقة علمية وهي ان الماء «سر الحياة » فهو العنصر الاساسي لاستمرار
الحياة لجميع الكائنات والنباتات، والمخلوقات جميعها بالاضافة الى انه يغطي نحو ثلاثة
ارباع سطح الارض «وهناك تقدير بأن الماء من البحار والمحيطات والانهار يشكل ثلاثة
اخماس سطح الارض » وللماء مميزات خاصة به ينفرد بها عن سائر السوائل، منها: ان الماء
يبقى سائلا فترة طويلة من الزمان، وله حرارة تصعيد مرتفعة ليساعد على بقاء درجة
الحرارة فوق سطح الارض، عند معدل ثابت فيصون الارض من تقلبات الطقس العنيفة،
ولولا احتفاظ الماء للحرارة لتضاءلت صلاحية الارض للحياة. كما ان الماء له خواص اخرى
يمتاز بها عن سائر السوائل: ذلك ان الماء هو المادة الوحيدة التي تقل كثافتها ويزيد حجمها
حين التجمد، فالجليد يطفو على سطح البحار والمحيطات ولا يغوص الجليد الى قاعها لأن
كثافة الماء المتجمد اقل واخف من كثافته حين يكون سائلا، وفائدة ذلك ان الثلج يشكل
طبقة عازلة تحفظ الماء الذي تحته من التجمد، بالاضافة الى ذلك فان الماء المتجمد تنطلق
منه كميات من الحرارة فتكون درجة حرارة الماء الذي تحت الجليد مرتفعة نوعا ما بحيث
تستطيع الاسماك وباقي الحيوانات المائية من استمرارية العيش والحركة فهاتان الخاصيتان
لهما الاهمية الكبرى في بقاء الحياة للحيوانات المائية «البحرية » فمن الذي اوجد هذه
الخصائص والمميزات في الماء؟ من اوجد في الماء خاصية «الحياة » من اوجد صفات الماء: لا
لون له ولا طعم ولا رائحة؟ من اوجد صفات الماء من حيث الكثافة والحجم والوزن؟ انه الله
عزوجل العلي القدير.
وقد اشار القرآن الكريم الى «الماء » في عشرات الايات الكريمة، منها قوله سبحانه وتعالى
وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون، سورة الانبياء الاية 30 .
الانسان والخلايا
يتكون الانسان من 260 الف بليون خلية موزعة في انحاء الجسم، فالمخ على سبيل المثال
يوجد فيه الف مليون خلية عصبية، فاذا ركض الانسان فان المخ يعطي اشارة للقلب، فاذا
به يسرع في ضخ الدم ليحفظ حياته، واذا نام الانسان فان المخ يعطي اشارة للقلب ليبطىء،
وهكذا فان ثلاثة الاف شعيرة تتصل بالمخ مهمتها، ان تتذوق الطعام، فهذه شعيرات تقول
للمخ هذا حلو الطعم، او هذا مالح الطعم، او هذا مرّ الطعم.. ولكي نسمع الاصوات المختلفة
فان هناك عشرة الاف مليون خلية، ولكي نرى الاشياء فان هناك 130 مليون خلية ضوئية،
وحين نحس بالحرارة
هناك ) ٣٠( الف خلية تتصل بالمخ لتحترس من الحرارة، وحين نحس بالبرودة هناك
) ٢٥٠( الف خلية لتحرس من البرودة. ويذكر العلماء ان عدد كريات الدم الاحمر في
الانسان يتراوح بين ) ٢٥- ٣٠( الف بليون خلية، وان عدد كريات الدم البيضاء يصل الى
) ٥٠( بليون خلية بالاضافة الى بلايين الخلايا التي لها علاقة بأجهزة التنفس والهضم
والجنس والتوالد. فمن الذي خلق الانسان بهذا التكوين من اجهزة وخلايا؟؟ ان المتأمل في
اي جهاز من اجهزة الانسان يؤكد على وجود قدرة جبارة خارقة. هذه القدرة هي قدرة الله
على وجود قدرة جبارة خارقة.
شهادات من العلماء
١- يقول الدكتور جودسون هربك )ان الدماغ الانساني الذي بلغ وزنه ) ١٤٠٠ ( غم فقط
غريب التركيب بعيد عن تصور او خيال، فلو جمعنا كل ما في العالم من اجهزة التلغراف
والتلفون والرادار والتلفزيون واستطعنا ان نحولها جميعا الى قطعة صغيرة بحجم الدماغ
فانها لا تبلغ في تعقيدها درجة دماغ الانسان .»
٢- يقول الدكتور بلفن «.. يجب ان لا ننسى ان هذا الكائن البشري الضئيل آية
في التنظيم والابداع، وهو قمة في الدقة والاعجاز ونهاية في التوافق والانسجام. فأي
دقة وتصميم عليها الخلية الواحدة في الانسان؟ ان كل خلية من الخلايا، والتي تبلغ
البلايين البلايين، تمثل مصنعا معجزا تجري فيه اعقد العمليات الحيوية في الشكل
وفي الوظائف .»
٣- يقول الدكتور انور عبد العليم – استاذ علوم البحار بكلية العلوم في جامعة القاهرة
بمصر «.. وعلى هذا الاساس يمكننا تشبيه الخلية الحية بدولة او بقطر كبير يضم
مقاطعات ومدنا مزدحمة وشبكة من الانهار والمواصلات السلكية معقدة التركيب، وشوارع
كثيرة وقرى.. وكل هذه الوحدات تتبادل السلع فيما بينها على هيئة مواد خام ومواد مصنعة
وغازات وطاقة.. كل ذلك يجري بداخلها تلك الخلية التي لا تراها العين .»
بنان الاصابع
مما يلفت النظر الى ان القرآن الكريم قد اشار الى البنان )طرف الاصبع( بأن الله عز
وجل قادر على خلق الانسان من جديد حتى البنان، فالله سبحانه وتعالى قادر على اعادتها
كما كانت سابقة بقوله «ايحسب الانسان ان لن نجمع عظامه بلى قادرين على ان نسوي
بنانه » سورة القيامة الايتان ٣ و ٤. والسؤال: لماذا ذكر القرآن الكريم لفظ )البنان( على وجه
التحديد ولم يذكر اي عضو من اعضاء الجسم في هذه الآية الكريمة والجواب: للدلالة
على ان الاصابع لها ميزات خاصة بحيث لا تتشابه ولا تتقارب في شكل الخلايا من انسان
لآخر، وهذه اللفتة الالهية في ذكر البنان قد وردت قبل خمسة عشر قرنا.
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل وارزقنا اليقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين