حديث الجمعة الديني : صلاة العيدين والتكبيرات
30 سبتمبر، 2016روى الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- انه قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم المدينة- ولهم يومان يلعبان فيهما فقال :ما هذان اليومان ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ان الله قد ابد لكما خيراً منهما: يوم الاضحى، ويوم الفطر” – اخرجه الامام ابو داود في سننه، واسناده صحيح.
تعريف بالعيدين
نعني بالعيدين: عيد الفطر السعيد، وعيد الاضحى المبارك، اما عيد الفطر فيكون في الاول من شهر شوال من كل عام هجري ويأتي بعد اداء فريضة الصيام في شهر رمضان المبارك. اما عيد الاضحى فيكون في العاشر من ذي الحجة من كل عام هجري ويأتي في موسم الحج بعد الوقوف بعرفة. ولابد من الاشارة الى ان لعيد الاضحى المبارك وقفة وهي (وقفة عرفة )، قبل العيد بيوم واحد -التاسع من ذي الحجة – ولكن لا توجد لعيد الفطر السعيد وقفة كما يتوهم بعض العامة من الناس. هذا ويسمى العيد عيداً من المعاودة بالتفاؤل بالخير لانه يعود اي يرجع مرة اخرى تحفه الافراح والمسرات والاستبتشارات، والمعلوم انه لا يوجد للمسلمين سوى هذين العيدين، وما سوى ذلك فهي ايام ومناسبات وذكريات يحتفي بها المسلمون، مثل: غزوة بدر الكبرى، ليلة القدر، الهجرة النبوية، المولد النبوي، والاسراء والمعراج…
حكم صلاة العيدين
حكم صلاة العيدين انها سنة مؤكدة لدى المالكية والشافعية، وهي واجبة عند الحنفية –ومن المعلوم ان الواجب عند الحنفية يقع في المرتبة بين الفرض والسنة المؤكدة ، واما الحنابلة فقالوا بأنها فرض كفاية اي اذا ادى البعض صلاة العيد فقد سقطت عن الآخرين. وليس لصلاة العيد أذان ولا اقامة لأن الاذان والاقامة للصلوات المفروضة لدى جميع المذاهب، وانما ينادي لصلاة العيد: الصلاة قائمة، ويكون اداء الصلاة قبل القاء خطبة العيد خلافا لصلاة الجمعة حيث تكون الخطبة قبل الصلاة.
كيفية صلاة العيدين
صلاة العيدين ركعتان، والقراءة فيهما جهرية، اما التكبيرات الزوائد، اي التكبيرات الزائدة عن التكبيرات المعتادة في الصلوات، فقد اختلف الفقهاء في عددها وفي موضعها من الصلاة وذلك على النحو الآتي:
1. الحنفية: ثلاث تكبيرات زوائد في الركعة الاولى وذلك بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة، وثلاث تكبيرات زوائد اخرى في الركعة الثانية، ولكن تكون بعد القراءة مباشرة وقبل الركوع، ويسن في القراءة: سورة الاعلى بعد الفاتحة في الركعة الاولى، وسورة الغاشية بعد الفاتحة في الركعة الثانية. وهذا ما هو متبع في المسجد الاقصى المبارك منذ مئات السنين، حيث كانت الدولة العثمانية التركية تتبنى المذهب الحنفي.
2. الشافعية: سبع تكبيرات زوائد في الركعة الاولى بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة وخمس تكبيرات زوائد في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام وقبل القراءة ايضا، ويسن في القراءة: سورة (ق ) او (الاعلى ) او (الكافرون ) بعد الفاتحة، في الركعة الاولى، وفي الركعة الثانية سورة(القمر ) او (الغاشية ) او(الاخلاص) بعد قراءة الفاتحة.
3. المالكية والحنابلة: ست تكبيرات زوائد بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة في الركعة الاولى، وخمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام وقبل القراءة ايضا، ويسن في القراءة: سورة الاعلى في الركعة الاولى. وفي الركعة الثانية سورة (الغاشية ) لدى الحنابلة وسورة الشمس لدى المالكية بعد قراءة الفاتحة. ويلاحظ ان التكبيرات الزوائد في الركعة الثانية تكون بعد القيام مباشرة وقبل القراءة لدى الجمهور -المالكية والشافعية والحنابلة – اما الحنفية فقط فيقولون بأن موضع التكبيرات الزوائد في الركعة الثانية تكون بعد القراءة وقبل الركوع.
هذا ويسن ان يقول الامام والمقتدون سرا بين كل تكبيرة واخرى: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر.
صيغة التكبيرات ايام العيد
تكون صيغة التكبيرات ايام العيد هي: الله اكبر، الله اكبر، لا اله الا الله والله اكبر ولله الحمد، وهذه الصيغة لدى المذاهب الفقهية الحنفية والمالكية والحنابلة، اما عند الشافعية فتكون عبارة- الله اكبر -ثلاث مرات بدلاً من مرتين في بداية الصيغة، ويجزىء في تحصيل السنة ان تقال صيغة التكبير مرة واحدة. ولا بأس بالتكرار ثلاث مرات. ويمكن للذي يكبّر ان يزيد في الصيغة -الله اكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا اله الا الله وحده، صدق وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده، لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ويستحب الصلاة والسلام على النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله واصحابه وانصاره وازواجه وذريته، وذلك في نهاية الصيغة.
ايام التكبيرات في عيد الاضحى
1. الحنفية والحنابلة: يبدأ وقت التكبيرات بعد صلاة الصبح مباشرة من يوم عرفة -اي في التاسع من ذي الحجة – وينتهي وقتها بعد صلاة العصر من آخر ايام التشريق وهو اليوم الرابع من ايام العيد، وايام التشريق هي الايام الثلاثة التي تلي يوم عيد الاضحى المبارك ، وعليه تكون التكبيرات خلال خمسة ايام، ويشمل وقت التكبير على وجه التحديد ثلاثة وعشرين وقتاً.
2. المالكية: يبدأ التكبير عقب صلاة الظهر من يوم عيد الاضحى المبارك، وينتهي بصلاة الصبح من اليوم الرابع، ويشمل وقت التكبير على وجه التحديد خمسة عشر وقتاً.
3. الشافعية: يبدأ وقت التكبيرات من فجر يوم عرفة -اي في اليوم التاسع من ذي الحجة- وينتهي وقتها حتى غروب شمس اليوم الثالث من ايام التشريق، ويشمل وقت التكبير على وجه التحديد اربعة وعشرين وقتاً.
يوم التكبيرات في عيد الفطر
يبدأ وقت التكبيرات في عيد الفطر السعيد من غروب شمس ليلة العيد -اي بعد صلاة المغرب من اليوم الذي يسبق العيد – وذلك حين رؤية هلال شوال، وينتهي وقت التكبيرات بعد الفراغ من خطبة عيد الفطر، وهذا رأي الحنفية والمالكية والحنابلة، اما الشافعية فقالوا: ان وقت التكبيرات يمتد حتى صلاة الظهر من يوم العيد نفسه، هذا ويقع بعض العامة من الناس في الخطأ حينما يتوهمون ان ايام التكبيرات في عيد الفطر مطابقة لايام التكبيرات في عيد الاضحى!! فينبغي على المسلمين بعامة وعلى الائمة والمؤذنين بخاصة الانتباه الى ذلك، علماً ان عيد الاضحى يطلق عليه عيد التكبيرات، وذلك لكثرة التكبيرات في ايامه.
موضع التكبيرات في ايام العيدين
الاصل ان تكون التكبيرات جهراً بعد اداء كل صلاة من الصلوات المفروضة خلال ايام التكبيرات، ويعرف هذا التكبير بالتكبير المقيد. ولا خلاف بين المذاهب الفقهية الاجتهادية الاربعة على هذا الموضع. هذا ويستحب ان يكون التكبير جهراً ايضاً في المنازل والاسواق والطرقات والاماكن العامة وغيرها وذلك خلال ايام العيد. ويعرف هذا التكبير بالتكبير المطلق اي غير المقيد. وقال بهذا الرأي الشافعية والحنابلة.
وعلينا ان نحرص على اعطاء التكبيرات حقها لما لها من تأثير طيب في نفوس المكبرين والسامعين. واني اذ اميل الى الاخذ برأي الشافعية والحنابلة بهذه النقطة لنعلن التكبير اثناء خطبة العيد وبعد الصلوات المفروضة وفي الطرقات والاماكن العامة، وذلك ليشيع الشعار الايماني في اجواء بلادنا المباركة المقدسة، ولنعلن ان الله رب العالمين هو اكبر من الاكوان والمخلوقات جميعها.
هذا وقد ثبت في كتب الحضارة الاسلامية وفي السير بأن الاسواق العامة كانت تضج بالتكبيرات في عهد الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
وبهذا افتي، والله تعالى اعلم.
ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الطاعات .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.