حديث الجمعة الديني : لقاء أيها الحجاج
23 سبتمبر، 2016قال الله سبحانه وتعالى: ” وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”- سورة الحج الآية 27.في هذه الأيام تودعنا قوافل حجاج بيت الله ميمنين شطر البيت الحرام، إنهم يتجهون من بلاد مباركة إلى بلاد مباركة، من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، إنهم يتطلعون شوقاً إلى الكعبة المشرفة وتهفو قلوبهم لزيارة قبر الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم-، ويحسن بنا ونحن نودع هؤلاء الحجاج لهذا العام على أمل اللقاء بهم، أن نوضح لهم بعض الأحكام والآداب التي لها علاقة بهذه المرحلة المباركة ليتمكنوا من اداء فريضة الحج عن علم ومعرفة وعلى وجه الصحيح:
1- ينبغي على الحاج أن يتوقع “المشقة” خلال ادائه هذه الفريضة فليس الجح رحلة ترفيهية وانما هي رحلة روحية يصادف فيها الحاج متاعب كثيرة، منها مشقة السفر وهي واقعة لا محالة، وقد اعتبر رسولنا الأكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- بأن السفر قطعة من العذاب، فلا يتوهم الحاج أن الطريق مفروشة بالورود.
كما وأنه هناك أمور تستفز الحاج وتضايقه وذلك لكثرة الحجيج والزحام الشديد في أماكن مخصصة في أوقات معينة: حين الطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والنفرة من عرفة إلى المزدلفة، وأشدها زحاماً حين رمي الجمرات بالاضافة إلى التفاوت في الطباع والأمزجة والعادات بين ملايين الحجيج فعلى الحاج أن يتحلى بالصبر وأن يتصرف بحسن الخلق ولين الجانب وسعة الصدر وأن لا يقابل السيئة بالسيئة، والله عزّوجل يقول: ” فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”- سورة البقرة –الآية 197. ويقول عليه الصلاة والسلام: “من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يكذب خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه” –متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي هريرة –رضي الله عنه-. فحين يهيئ الحاج نفسه لذلك فإنه لا ينزعج ولا يتذمر ولا يتبرم حين تواجهه المشقات فلا يفاجأ بها ولا يصدم لما يرى ويشاهد. من هنا نلمس وندرك الحكمة الربانية من فريضة الحج مرة واحدة في العمر كله.
2- ينبغي على الحاج أن يكون ملماً بمناسك الحج قبل سفره وذلك من خلال الكتب والنشرات والمجلات التي تتناول أحكام الحج وتشرح كيفية أداء الشعائر مع الصور والرسومات التوضيحية والادعية المتعلقة بالمناسك، وأن يحرص الحاج على حضور الدروس الدينية التي تتناول موضوع الحج وأن يسأل المفتشين والأئمة والوعاظ والعلماء والمرشدين بشكل مستمر عن أحكام الحج، كما وينبغي على الحاج دراسة وتفهم الارشادات الصادرة عن وزارة الأوقاف والحج للتقيد والالتزام بها لان اهمالها يوقع الحاج في أخطاء وقد تفسد عبادته وحجه.
وأقول لأخي الحاج أن أحكام الحج دقيقة ومتشابكة وليس من السهل استيعابها وهضمها، وأن كثيراً ممن يدعون المعرفة بأحكام الحج يقعون في محاذير كثيرة حين التطبيق فيجدون أنفسهم لا يجيدون صنعاً ولا اداء.
3- ينبغي على الحاج قبل مغادرته بلاده أن يرد الحقوق إلى أهلها وأن يقضي الديون التي في ذمته وأن يسلم الودائع إلى أصحابها وأن يعلن التوبة ويظهر الندم لتقصيره في حق الله تعالى . وأن يودع الأهل وصلات الرحم والأقارب والأصدقاء. وأن يطلب المسامحة منهم والدعوة له بالخير وبظهر الغيب ففي دعائهم بركة له. بالإضافة إلى ضرورة تأمين المال اللازم لنفقة عياله فترة غيابه عنهم.
4- ينبغي على الحاج أن يتفرغ للعبادة في أيام الحج لأنها كلها عبادة من صلاة ودعاء وتلاوة للقرآن الكريم وأن يحرص على حضور صلاة الجماعة في الحرم المكي والحرم النبوي وأن لا يضيع وقته في الأسواق والطرقات وشراء الهدايا والحاجات وأن لا يضيع وقته أيضاً في اعداد الطعام وفي الطبخ والنفخ!! لان الحاج لم يذهب إلى الديار الحجازية من أجل ذلك، وانما هو ذاهب للعبادة ولاداء ركن من أركان الإسلام وليتزود من الثواب ما أمكنه وأن يبذل جهده واجتهاده في الحصول على ثواب أكثر وأكثر.
يا من تريدون اداء الحج:
أقرئوا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- منا السلام، أوصلوا السلام من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ومن المصلين في المسجد الأقصى المبارك، من أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين إلى نبينا وشفيعنا وحبيبنا محمد –صلى الله عليه وسلم-.
اضرعوا هناك إلى الله سبحانه وتعالى من رحاب المسجد النبوي، وحول الكعبة، وبين الصفا والمروة، وعلى عرفات أن يجمع شمل المسلمين ويوحد كلمة المؤمنين ويقوي شوكة الدين ويحرر الأقصى الحزين.
يا من تنوون اداء الحج:
صحبتكم السلامة، نودعكم على تقوى الله سبحانه وتعالى، سائلين المولى عزّ,جل أن تعودوا إلى دياركم سالمين وأن نلقاكم غانمين.
فحج مبرور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وتجارة لن تبور إن شاء الله، وإلى اللقاء أيها الحجاج.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.