حديث الجمعة الديني : الصوم فريضة
2 أكتوبر، 2016قال الله عزوجل «يا ايها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم
لعلكم تتقون » سورة البقرة الاية ١٨٣ .
بعد ايام قلائل يستقبل مئات الملايين من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها ضيفاً
كريماً يحل في قلوبنا، ويهيمن على عقولنا وجوارحنا ومشاعرنا ، ويحلّق في سمائنا مدة
شهر واحد من كل عام هجري، انه الشهر العظيم، شهر الصوم، شهر رمضان المبارك الذي
باركه رب العالمين بنزول القرآن الكريم فيه، كما باركه بفريضة الصيام، انه الشهر الذي
يتوق اليه مئات الملايين من المسلمين الصائمين ليتذوقوا طعم العبادة المستمرة، وليخلصوا
لله الطاعة، انه الشهر الذي يشهد يوم القيامة بالاحسان لمن أحسن، وبالاساءة لمن أساء،
والعاقبة للمتقين.
الرسول صلى الله عليه وسلم يرحب برمضان
روى الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطب في آخر يوم من شعبان قائلا «يا ايها الناس قد اظلكم شهر عظيم، شهر مبارك،
شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً، من
تقرب فيه بخصله من الخير كان كمن ادى فريضة فيما سواه، ومن ادى فريضة فيه كمن
ادى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة » رواه البيهقي وابن
خزيمة، والمتقي في كنز العمال، والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح وابن المنذري في
الترغيب والترهيب.
العبادة المميزة
في هذا الشهر العظيم المبارك تتجلى العبادة الخالصة لله عزوجل، لا يشوبها رياء ولا
نفاق ولا مباهاة، حيث اضافها الله عزوجل اليه وميزها عن سائر العبادات الاخرى للحديث
القدسي، قال الله تعالى «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف،
قال تعالى: الا الصوم فإنه لي وانا اجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي » متفق عليه،
واللفظ لمسلم عن الصحابي الجليل ابي هريرة رضي الله عنه. وقد تناول العلماء الاجلاء
هذا الحديث القدسي بالتحليل، واوضحوا الحكمة من اضافة الصوم لله عزوجل.
١-لقد انفردت عبادة الصوم منذ القدم، قبل الاسلام عن العبادات الاخرى بأنه لم يسبق
لاحد ان عظّم غير الله في الصوم، فلم يعظم الكفار في اي عصر من العصور السابقة معبوداً
لهم من خلال عبادة الصوم، بينما عظّموا غير الله من خلال ادائهم للصلاة والحج والذبائح
والنذور وغير ذلك من العبادات والطاعات.
٢-ان الصوم في حقيقته بعيد عن الرياء والنفاق والمباهاة، وذلك لخفاء عبادته، بخلاف
الصلاة والزكاة والحج والذبائح والنذور وغيرها من العبادات والطاعات فهي معرضة لان
يتسرب الى الشخص خصلة من الرياء والنفاق اثناء ادائها، بينما لا مجال للرياء ان يتسرب
الى الصوم لان الصوم عبادة خفية.
٣-لقد اختص الله رب العالمين لنفسه العلم بمقدار الثواب الذي سيناله الصائمون، وان
زيادة حسناتهم ستكون مضاعفة الى ما شاء الله، وان الله عزوجل لم يُطلع احداً من البشر
على مقدار هذا الثواب العظيم.
٤-ان اضافة الصوم لله عزوجل هي اضافة تشريف وتكريم، وفي ذلك بيان لعظم فضل
الصوم والحث عليه، ولبيان كثرة ثوابه وسعة عطائه. ولابد من الاش