حديث الجمعة الديني : المرأة والتعليم- الحلقة الثالثة
23 سبتمبر، 2016المحور السادس : المرأة تعلم غيرها
إن قيام المرأة بتعليم غيرها يصل أحياناً إلى الوجوب، فيحرم حبس العلم وكتمانه، وهذا يتعلق بالرجال والنساء على حد سواء، وأكتفي الاستدلال في هذا المجال بثلاث آيات كريمة، قال الله سبحانه وتعالى:
1- ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ .إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “.- سورة البقرة الآيتان 159 و160.
2- ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “- سورة البقرة الآية 174.
3- ” الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا “- سورة النساء- الآية 37.
كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة وفي سير امهات المؤمنين والصحابيات ما يعزز مشروعية تعليم المرأة لغيرها من النساء والرجال، وأشير إلى مجموعة منها:
1- أخرج أبو داود في سننه عن الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبد الله –رضي الله عنها- قالت: دخل عليّ النبي –صلى الله عليه وسلم- وأنا عند حفصة أم المؤمنين فقال لي –صلى الله عليه وسلم-: “ألا تعلمين هذه رقية النملة، كما علمتها الكتابة” وقد تناول الإمام ابن قيم الجوزية هذا الحديث النبوي الشريف في كتابه زاد المعاد بقوله: “إن المراد ب (النملة) قروح تخرج من الجنبين، وهو داء معروف لدى العرب، وقد سمي هذا الداء ب (النملة) لأن صاحبه يحس في مكانه كأن نملة تدبّ عليه وتعضّه) ثم قال ابن قيم الجوزية: روى الخلال أن الشفاء بنت عبد الله كانت في الجاهلية ترقي من النملة، فلما هاجرت إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وكانت قد بايعته بمكة قالت : يا رسول الله، إني كنت أرقي في الجاهلية من النملة، وإني أريد أن أعرضها عليك، فعرضتها عليه فقال: ارقي بها وعلميها حفصة”.
أقول: في هذا الحديث النبوي الشريف دلالة على مشروعية جواز المرأة تعليم غيرها، وقد تصل هذه المشروعية إلى درجة فرض الكفاية حالة احتياج المجتمع لها، كما قد تصل أيضاً إلى درجة فرض العين وذلك اذا انحسر الأمر بامرأة واحدة واحتاج المجتمع لها، فعلى سبيل المثال: لا يوجد في القرية إلا قابلة للتوليد واحدة، فيتعلق بها فرض العين، والله تعالى أعلم.
2- أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة –رضي الله عنها- فقد كانت فقيهة ومن المكثرات في رواية الحديث الشريف، فقد روت (2210) حديثاً شريفاً وعلاوة على ذلك فقد كان لها دراية بالطب والأدب، فقال عروة بن الزبير (ابن اختها أسماء) بحقها: “ما رأيت أحداً أعلم بطب ولا بشعر ولا بفقه من عائشة”
3- أم المؤمنين السيدة أم حبيبة –رضي الله عنها- كان لها عدة إهتمامات ، منها: رواية الحديث النبوي الشريف، وأخذ عنها رواة كثيرون من الصحابة والتابعين.
4- أم المؤمنين السيدة أم سلمة –رضي الله عنها- كانت تروي الأحاديث الشريفة وقد روى عنها :عائشة وعبد الله بن عباس وابنها عمر وابنتها زينب –رضي الله عنهم- وسعيد بن المسيب من التابعين.
5- الصحابية الجليلة الربيع بنت معوذ –رضي الله عنها- اهتمت برواية الحديث الشريف ، وقد نقلت عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- واحداً وعشرين حديثاً شريفاً، وأخذ عنها رواة من أهل المدينة والبصرة بالإضافة إلى اهتمامات أخرى.
6- الصحابية الجليلة أم عطية (نسيبة بنت كعب –رضي الله عنها- اهتمت برواية الحديث الشريف فقد روت أربعين حديثاً وأخذ عنها جماعة من الصحابة، بالإضافة إلى اهتمامات أخرى.
7- الصحابية الجليلة زينب بنت أبي سلمة –رضي الله عنهما- كان لها عدة اهتمامات منها: الفقه ورواية الحديث الشريف.
8- الصحابية الجليلة صفية بنت عبد المطلب بن هاشم رضي الله عنها، وهي عمة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وهي أم الزبير بن العوام، وكانت شاعرة، مجيدة، مجاهدة، قوية، ومتفرغة لنصرة الدعوة الإسلامية.
9- الصحابية الجليلة الخنساء، وهي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريدـ كانت شاعرة شهيرة وصحابية جليلة، وكان الرسول –عليه الصلاة والسلام- معجب ومتأثر بشعرها، كانت تنتقد غيرها نقداً أدبياً ، كما كان غيرها ينتقدها نقداً أدبياً، وعرفت بالشجاعة والتضحية، شاركت في معركة القادسية هي وأولادها الأربعة الذين استشهدوا في المعركة وصبرت على فقدهم ورثتهم بشعر مؤثر.
10- الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس – زوج الشهيد جعفر الطيار بن أبي طالب، ثم تزوجها أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- وروت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ستين حديثاً، وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين.
اللهم فقّهنا في الدين وعلّمنا التأويل وارزقنا اليقين.
“والله يقول الحق وهو يهدي السبيل” سورة الأحزاب-الآية 4.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.